للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهؤلاء "الجهمية" من المتكلمة والصوفية في قولهم: إن الإيمان هو مجرد المعرفة والتصديق يقولون: المعروف هو الموجود الموصوف بالسلب والنفي، كقولهم: لا هو داخل العالم ولا خارجه، ولا مباين للعالم ولا محايث، ثم يعودون فيجعلونه حالًا في المخلوقات، أو محلًا لها أو هو عينها، أو يعطلونه بالكلية، فهم في هذا نظير المتفلسفة المشائين، الذين يجعلون كمال الإنسان بالعلم، والعلم الأعلى عندهم والفلسفة الأولى عندهم [النظر] (١) في الوجود ولواحقه، يجعلون واجب الوجود وجودًا مطلقًا بشرط الإطلاق، لكن أولئك [يغيرون العبارات] (٢) ويعبرون بالعبارات الإسلامية القرآنية عن الإلحادات الفلسفية واليونانية، وهذا كله قد قرر، وبسط القول فيه في غير هذا الموضع.

[فصل [الكلام على الأحاديث التي تبين حقيقة الإسلام والإيمان]]

أول ما في الحديث سؤاله عن "الإسلام" فأجابه (٣): بأنّ الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت (٤).

وهذه الخمس هي المذكورة في حديث ابن عمر المتفق عليه: (بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام


= وما زاغت الأبصار عن كل ملة ... وما راغت الأفكار من كل نحلة
المصدر نفسه (١١٤).
(١) نسخة الأصل و (م): "الناظر".
(٢) ما بين المعكوفتين ليس في نسخة الأصل، وهو في (م) و (ط).
(٣) المقصود سؤال جبريل عليه السلام للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد تقدم تخريج هذا الحديث في أول الكتاب.
(٤) قول المصنف: أول ما في الحديث سؤاله عن الإسلام، دليل كما قدمنا في الدراسة على أن الكتاب شرح لحديث جبريل عليه السلام، والمصنف بعد أن قطع شوطًا كبيرًا في الكلام على مسائل الإيمان وموقف الفرق منها، عاد إلى حديث جبريل ليقوم بشرحه في ضوء الأحاديث الأخرى.

<<  <   >  >>