للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإيمان الذي نفي عن فساق أهل القبلة الذين لا يخلدون في النار، بل قد يكون مع أحدهم مثقال ذرة من إيمان، ونفي هذا الإيمان لا يقتضي ثبوت الكفر الذي يخلد صاحبه في النار (١).

[[تحقيق المقام في الوصف بالإسلام]]

و[أول خلاف ظهر في الإسلام]

وبتحقيق (٢) هذا المقام يزول الاشتباه في هذا الموضع، ونعلم (٣) أن في المسلمين قسماً ليس هو منافقاً محضاً في الدرك الأسفل من النار، وليس هو من المؤمنين الذين قيل فيهم: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (١٥)} ولا من الذين قيل فيهم: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} فلا هم منافقون، ولا هم من هؤلاء الصادقين المؤمنين حقاً، ولا من الذين يدخلون الجنة بلا عقاب، بل له طاعات ومعاص، وحسنات وسيئات، ومعه من الإيمان ما لا [يخلد] (٤) معه في النار، وله من الكبائر ما يستوجب وروده (٥) دخول النار، وهذا القسم قد (٦) يسميه بعض الناس الفاسق الملي، وهذا مما تنازع الناس في اسمه وحكمه، والخلاف فيه أول خلاف ظهر في الإسلام في مسائل أصول الدين (٧).


(١) يريد أن يبين -رحمه الله- أن الطائفة التي نفى القرآن عنها الإيمان، وأثبت لها الإسلام أن منهم من معه إيمان قليل يصحح عمله، ولكنه لم يأت بالإيمان المطلوب، وما يعمله بذلك الإيمان الناقص لا يضيعه الله عز وجل، وهذه الطائفة وسط بين من حقق الإيمان وبين من فقد الإيمان.
(٢) في (ط): "وبتحقق".
(٣) في (م) و (ط): "ويعلم".
(٤) في نسخة الأصل: "يخلدون"، والتصحيح من (م) و (ط).
(٥) ليست في (م) و (ط).
(٦) في نسخة الأصل: "وقد".
(٧) يقول المصنف رحمه الله تعالى في منهاج السنة (١/ ٣٠٦، ٣٠٨): "وكان المسلمون على ما بعث الله به رسوله من الهدى ودين الحق، الموافق لصحيح المنقول وصريح المعقول، فلما قتل عثمان - رضي الله عنه -، ووقعت الفتنة، فاقتتل المسلمون بصفين مرقت المارقة -يعني الخوارج- وكان مروقها لما حكم الحكمان، وافترق الناس على غير اتفاق، وحدثت أيضا بدعة التشيع. . . " ثم يقول في موضع آخر: "فهاتان البدعتان بدعة الخوارج والشيعة، حدثتا في ذلك الوقت لما وقعت الفتنة. . " فكانت الخوارج أول الفرق ظهوراً، وكانت بدعتها الشنيعة في تكفير من اعتقدوا فسقه البدعة الرئيسية الأولى في تاريخ الأمة، والتي قابلتها بعد ذلك المرجئة ببدعة لا تقل خطورة عنها. انظر: مقالات الإسلاميين (١/ ٦٤)، الملل والنحل (١١٤).

<<  <   >  >>