للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تاسعا [*]: الآثار المترتبة على الخلاف في الإيمان

ولسنا نعني بها تلك الآثار العملية الأليمة التي أصابت حياة الأمة الإسلامية، من غلو في فكر الخوارج، وتكفيرهم للمسلمين، واستحلالهم لدمائهم وأموالهم، وإقامتهم لعدة دويلات أسست على قواعد ذلك الفكر الغالي، أو ما وقع على الطرف الآخر من تهاون وتفريط ونكوص وخور في ساحة العمل بين أبناء الأمة، نتيجة لفكر المرجئة المدمر.

ولكن الذي نعنيه في هذا المقام بالدرجة الأولى، ما يتعلق بموضوع الخلاف في حقيقة الإيمان وما ترتب على تلك القضية.

فمن شأن البدعة -كما هو معروف- أن تجر إلى بدعة مثلها، وهذا أصل يكاد يكون عامًا في جميع البدع.

ولابد من التذكير بأن الأصل الكبير الذي قامت عليه بدع الفرق في الإيمان، هو اعتبار الإيمان شيئًا واحدًا، لا يتبعض ويتجزأ، ولا يذهب بعضه، ويبقى بعضه -كما هو الحال عند أهل السنّة والجماعة- وكان من الآثار التي ترتبت على هذا الأصل: قضية زيادة الإيمان ونقصانه، ومسألة الاستثناء.

فمن جعل الإيمان شيئًا واحدًا، أنكر زيادته ونقصانه، ومن جعله كذلك حرم الاستثناء فيه، وجعله شكًا، والآن نآتي إلى بيان ذلك:

أولًا: زيادة الإيمان ونقصانه:

وتلك قضية تتمشى مع جميع طوائف المرجئة الذين اتفقت كلمتهم على إخراج الأعمال من مسمى الإيمان، إذ أن الإيمان عندهم شيء ثابت لا يتغير، ولا يزيد، ولا ينقص، وما دام أن الأعمال ليست منه، فكيف يزيد وينقص (١)؛ لأن الإيمان عندهم إما هو التصديق، وإما التصديق والإقرار، وهذا مما يتساوى فيه الناس، كما يقولون.


(١) وعد الخوارج والمعتزلة يذهب الإيمان كله بالكبيرة.

[*] قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: صوابه «المسألة السادسة»، وهي كذلك «المسألة السادسة» في فهرس المحتويات بآخر المطبوع

<<  <   >  >>