للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد صار الأمر في ذلك غريبًا، حين أخرجه كثير من العلماء -من كتب العقيدة إلى كتب الفقه، ولقد أثر ذلك في الحكم على تارك الصلاة، حتى صار القول بتكفيره قولًا مخالفًا لمذهب جمهور الفقهاء، بل عدَّه بعضهم غلوًا في الحكم، وإنا لنلمس أثر الإرجاء في هذه القضية، كما قال المصنف حين تحدث عن حكم تارك الصلاة فقال: "فهذا الموضع ينبغي تدبره، فمن عرف ارتباط الظاهر بالباطن، زالت عنه الشبهة في هذا الباب، وعلم أن من قال من الفقهاء: إنه إذا أقر بالوجوب وامتنع عن الفعل لا يقتل، أو يقتل مع إسلامه، فإنه دخلت عليه الشبهة التي دخلت على المرجئة والجهمية" (١).

٣٠ - أن أهل السنَّة لا يكفرون أحدًا من الناس، إلا بعد قام الحجة عليه، وذلك بتحقق الشروط، وانتفاء الموانع، وهم يفرقون بين التكفير المطلق، وبين تكفير المعين.

يقول رحمه الله: "والتحقيق في هذا: أن القول قد يكون كفرًا، كمقالات الجهمية الذين قالوا: إن الله لا يتكلم، ولا يرى في الآخرة، ولكن قد يخفى على بعض الناس أنه كفر، فيطلق القول بتكفير القائل، كما قال السلف: من قال: إن القرآن مخلوق فهو كافر، ومن قال: إن الله لا يرى في الآخرة فهو كافر، ولا يكفر الشخص المعين حتى تقوم عليه الحجة. . " (٢).

٣١ - أن أهل السنة والجماعة يجيزون الاستثناء في ادعاء الإيمان، ويجيزون تركه، خلافًا لمن يحرمه، وخلافًا لمن يوجبه، فيمنعونه لمن أراد الشك، ويجيزونه لعدم تزكية أنفسهم، والحكم بأنهم قد حققوا الإيمان الكامل (٣).


(١) شرح حديث جبريل (٥٦٦).
(٢) المصدر نفسه (٥٧٢).
(٣) الإيمان (٣٤١).

<<  <   >  >>