للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[[الإحسان في أعمال الجوارح]]

وأما الإحسان في أعمال الجوارح بعد إحكام قاعدة العلم فعلى أنواع: منه فرض عين، ومنه فرض كفاية، ومنه سنة مؤكدة، ومنه فضيلة لا يسع من له عقل ومروءة أن يفوت نفسه حظها من ذلك، وذلك يختلف باختلاف الأحوال.

قال الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٩٠) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} [النحل: ٩٠] الآيات.

[فصل [العارية من الإحسان]]

وعلى المسلم بذل دلو يستقى به، وقدر يطبخ فيها، وفاس يحفر [بها] (١) ونحو ذلك، وهل يجب أن يبذل بأجرة المثل؟ قولان للعلماء:

فمذهب الصحابة، ومن بعدهم كمالك، وأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، وإسحاق (٢) والسفيانين الثوري (٣).


= العقلاء موقوفًا على الحسن: "من ازداد بالله علمًا ثم ازداد على الدّنيا حرصًا لم يزدد من الله إلا بعدًا"، وروى أبو الفتح الأزدي في الضعفاء من حديث علي: "من ازداد بالله علمًا ثم ازداد للدنيا حبًا ازداد الله عليه غضبًا"، وكلها أحاديث ضعيفة، وبعضها لا أصل لها، ولعل الموقوف هو الأصح، ولكني لم أجد هذا الأثر عن ابن مسعود فيما بحثت فيه من مصادر.
(١) كتب في نسخة الأصل: "بها"، ثم شطب عليها وكتب: "به"، والصحيح ما شطب عليه، وأثبتناه، لأن الفأس مؤنثة، القاموس المحيط (٧٢٤).
(٢) هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه، نعته الذهبي بالإمام الكبير، وشيخ المشرق، سيد الحفاظ، من كبار أئمة الحديث والسنة، كان أقوى الناس حفظًا، وقد كان مع حفظه إمامًا في التفسير، رأسًا في الفقه، من أئمة الاجتهاد، وهو من العلماء الذين دفنوا كتبهم -وعلل الذهبي ذلك، لأنهم كانوا لا يرون نقل العلم وجادة، وهو شيخ الإمام البخاري، وأحد الأسباب الباعثة له على تصنيف كتابه المبارك الصحيح، فلعل الإمام ابن راهويه ينال أجر هذا الكتاب العظيم إن شاء الله، توفي إسحاق بنيسابور سنة ٢٣٨ هـ.
الجرح والتعديل (٢/ ٢٠٩)، حلية الأولياء (٩/ ٢٣٤)، تاريخ بغداد (٦/ ٣٤٥)، سير أعلام النبلاء (١١/ ٣٥٨)، البداية والنهاية (١٠/ ٣٣٣)، شذرات الذهب (٣/ ١٧٢).
(٣) هو أمير المؤمنين في الحديث، أبو عبد الله سفيان بن مسروق الثوري الكوفي =

<<  <   >  >>