وقال شيخ الإسلام في موضع آخر موضحًا بعض الآثار المترتبة على هذا الأصل الفاسد المتعلقة بالإيمان:"بل الخوارج والمعتزلة طردوا هذا الأصل الفاسد، وقالوا: لا يجتمع في الشخص الواحد طاعة يستحق بها الثواب، ومعصية يستحق بها العقاب، ولا يكون الشخص الواحد محمودًا من وجه، مذمومًا من وجه، ولا محبوبًا مدعوًا له من وجه، مسخوطًا ملعونًا من وجه، ولا يتصور أن الشخص الواحد يدخل الجنة والنار جميعًا عندهم، بل من دخل إحداهما لم يدخل الأخرى عندهم، ولهذا أنكروا خروج أحد من النار، أو الشفاعة في أحد من أهل النار، وحكي عن غالية المرجئة أنهم وافقوهم على هذا الأصل، لكن هؤلاء قالوا: إن أهل الكبائر يدخلون الجنة ولا يدخلون النار مقابلة لأولئك"(١).
ثالثًا: الرد على شبهتم في الإيمان، وذلك من وجوه:
وقد قام شيخ الإعلام رحمه الله تعالى بتفنيد شبهتهم التي تقوم على أن الإيمان حقيقة واحدة، إما أن يبقى كله، أو يذهب كله، وكان تفنيده في عدة وجوه:
الأول: إن الحقيقة الجامعة لأمور أو أجزاء (كالمركبات) -أعيانًا كانت أو أعراضًا- إذا زال بعض أجزائها، لم يلزم من ذلك زوال سائر الأجزاء.
والرد عليهم بما أوردوه من أمثلة، فإن الواحد من العشرة إذا زال لم يلزم زوال التسعة، بل التسعة باقية، وكذلك إذا زال أحد جزئي السكنجبين لم يلزم من ذلك زوال الجزء الآخر.
الثاني: إن هذه الحقيقة الجامعة لأمور أو أجزاء إذا زال بعض أجزائها، فإن صورتها المجتمعة، وهيئتها الاجتماعية قد زالت.
وبالتالي فإن الاسم الذي كان يطلق عليها بسبب هذه الأجزاء المجتمعة قد زال، كما زال اسم العشرة، واسم السكنجبين.