للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحتى لو ثبت أن معناه في اللغة كذلك، فليس فيه حجة -وهذا هو المهم- لمن جعل معناه في الشرع هو معناه في اللغة، كما سبق.

والمسألة ما تزال بحاجة إلى دراسة مستقصية مركزة في كتب اللغة، واستعمالات كلمة الإيمان، ومشتقاتها في لسان العرب، وكلام الشارع الحكيم.

خامسًا: مناقشة تحليلية لمذاهب المرجئة من الجهمية ومن اتبعهم كالأشاعرة، والماتريدية، وغيرهم، الذين أخرجوا الأعمال من الإيمان:

لم يكتف شيخ الإسلام رحمه الله بالردود الإجمالية، على المخالفين في الإيمان، ولكنه قام يحلل الخلاف في مناقشات واعتراضات وإلزامات، ولكن قبل أن نلج إلى حلبة النقاش، لا بد لنا من تمهيدين هامين:

الأول: نتسائل فيه ونقول: هل هناك فرق حقيقي بين مذهب الجهمية في الإيمان، وهو المعرفة، وبين مذهب الأشاعرة، والماتريدية، وهو التصديق؟ .

يقول المصنف حول ذلك الإشكال: "وأيضًا فإن الفرق بين معرفة القلب وبين مجرد تصديق القلب الخالي عن الانقياد -الذي يُجعل قول القلب- أمر دقيق، وأكثر العقلاء ينكرونه، وبتقدير صحته لا يجب على كل أحد أن يوجب شيئين لا يتصور الفرق بينهما، وأكثر الناس لا يتصورون الفرق بين معرفة القلب وتصديقه، ويقولون: إن ما قاله ابن كلاب والأشعري من الفرق كلام باطل، لا حقيقة له، وكثير من أصحابه اعترف بعدم الفرق ...

والمقصود هنا أن الإنسان إذا رجع إلى نفسه عسر عليه التفريق بين علمه بأن الرسول صادق، وبين تصديق قلبه تصديقًا مجردًا عن انقياد وغيره من أعمال القلب بأنه صادق" (١).


= والأمر كقوله: {أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا} ولأن قر وآمن متقاربان، فالإيمان دخول في الأمن، والإقرار دخول في الإقرار، وعلى هذا فالكلمة إقرار، والعلم بها إقرار أيضًا. . ".
(١) الإيمان (٣١١).

<<  <   >  >>