للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنَّه لا يكون إيمانًا بمجرد ظن وهوى، بل لا بد في أصل الإيمان من قول القلب، وعمل القلب.

[لفظ النصارى ليس مرادفًا للفظ الإيمان في اللغة]

وليس لفظ الإيمان مرادفًا للفظ التصديق كما تظنه (١) طائفة من الناس، فإن التصديق يستعمل في كل خبر، فيقال لمن أخبر بالأمور المشهودة (٢) مثل قوله (٣): الواحد نصف الاثنين، والسماء فوق الأرض مجيبًا: صدقت، وصدقنا بذلك، ولا يقال: آمنا لك، ولا آمنا بهذا، حتَّى يكون المخبر به من الأمور الغائبة، فيقال للمخبر: آمنا له، وللمخبر به آمنا به، كما قال إخوة يوسف: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} [يوسف: ١٧] أي بمقر لنا، ومصدق لنا، لأنهم أخبروه عن غائب.

ومن قوله تعالى: {قَالُوا (٤) أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ} [الشعراء: ١١١].

وقوله تعالى: {يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: ٦١].

وقوله تعالى: {أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ} [المؤمنون: ٤٧].

وقوله تعالى: {وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (٢١)} [الدخان: ٢١].

{فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ} [يونس: ٨٣] أي: أقر له.

وذلك أن لفظ الإيمان [يفارق التصديق] (٥) لفظًا ومعنى، فإنه أيضًا يقال: صدقته، فيتعدى بنفسه إلى المصدق، ولا يقال: آمنته، إلَّا من الأمان الَّذي هو ضد الإخافة، بل يقال (٦): آمنت له، وإذا ساغ أن يقال: ما أنت بمصدق لفلان، كما يقال: هل أنت مصدق له؛ لأن الفعل المتعدي بنفسه، إذا قدم مفعوله عليه، أو كان العامل اسم فاعل ونحوه، مما يضعف عن الفعل، فقد يعدونه باللام تقوية له كما يقال: عرفت هذا، وأنا به عارف، وضربت هذا، وأنا له ضارب، وسمعت هذا، ورأيته وأنا له سامع


(١) في (م) و (ط): "يظنه".
(٢) في (م) و (ط): "المشهورة".
(٣) كلمة "قوله" ليست في (م) و (ط).
(٤) كلمة "قالوا" ليست في (م) و (ط).
(٥) ما بين المعكوفتين ليس في نسخة الأصل، وهو في (م) و (ط)، غير أن في (ط) كلمة "أي" بعد كلمة "التصديق".
(٦) كلمة "يقال" ليست في (ط).

<<  <   >  >>