للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمقصود أن هناك حالات شاذة، ولكن الشاذ لا حكم له، وإنما الحكم والعبرة بالعموم "فلا أحد يقول بإخضاع أحكام الأحياء الأصحاء لحكم مثل هذه الحالة الشاذة، أو بعارض بها السنن الثابتة المعلومة في الحياة والأحياء.

ونخلص من هذا إلى أنه مع حفظ عموم دلالة الأصول الكلية، توجد حالات خاصة، يكون فيها تارك جنس العمل، أو تارك الصلاة غير مخلد في النار، وقد لا يدخلها أصلًا. . " (١).

ثامنًا: موقف شيخ الإسلام من الخلاف بين السلف ومرجئة الفقهاء في الإيمان:

من المعلوم أن السلف قد أجمعوا على ذم المرجئة الفقهاء، وأمروا بهجرهم وعدم مجالستهم، حين قالوا: إن الأعمال ليست من الإيمان، وقد كبر على السلف رضوان الله عليهم أن تكون الصلاة والزكاة وسائر الأعمال الفاضلة ليست من الإيمان، وأدركوا ما قد يترتب على تلك البدعة، من تهاون في الواجبات، وما قد ينطوي عليها من استشراء للفسق والفساد -وهو ما وقع بالفعل بعد ذلك- فقاموا يحاربونها بلا هوادة.

وقد قال كثيرون قديمًا وحديثًا: إن الخطب يسير، والأمر محتمل، وأن حقيقة الخلاف بين السلف ومرجئة الفقهاء من أمثال حماد بن أبي سليمان وأبي حنيفة رحمه الله خلاف لفظي أو صوري، أو غير حقيقي (٢).

وليس المقصود بهذا البحث هو تحرير حقيقة النزاع بين الفريقين (٣) بالدرجة الأولى، ولكن المقصود هو معرفة موقف المصنف تحديدًا من هذه القضية.

ولتكن عبارات المصنف هي المرجح الوحيد في تلك المسألة، ولا


(١) ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي (٧٥٧).
(٢) ومن هؤلاء العلامة ابن أبي العز في شرح العقيدة الطحاوية (٢/ ٤٦٢).
(٣) سيأتي الحديث عن تلك القضية -إن شاء الله- أثناء تحقيق المتن، عند الكلام على مذهب أبي حنيفة في الإيمان.

<<  <   >  >>