للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الأولى مناقشات المصنف لبعض أقوال الفلاسفة وغلاة المتصوفة]

والداعي إلى هذه المناقشات عند المصنف، ليس الاستطراد الذي ينطلق بلا غاية أو هدف، ولكنه كما قال رحمه الله: "التنبيه على تشابه رؤوس الضلال، حتى إذا فهم المؤمن قول أحدهم، أعانه على فهم قول الآخر، واحترز منهم، وبين ضلالهم، لكثرة ما أوقعوا في الوجود من الضلالات. . " (١).

ولا بد أن نشير إلى أن هذه المناقشات جاءت سريعة موجزة في الغالب، لأنها جاءت من باب الاستطراد.

والذي حدا به إلى ذكر قول الفلاسفة في سبب تحقيق السعادة -على سبيل المثال- هو تشبيه لقول الجهمية ومن اتبعهم في الإيمان -حين قالوا: إن مجرد المعرفة والتصديق هي الإيمان- بقول الفلاسفة في السعادة إنها في المعرفة فقط.

أولًا: مناقشة الفلاسفة:

من أهم القضايا التي ناقش المصنف فيها الفلاسفة قولهم: "إن سعادة الإنسان أن بعلم الوجود على ما هو عليه" (٢)، "حتى يصير الإنسان عالمًا مطابقًا للعالم الموجود" (٣) فالعلم هو الذي تتحقق به السعادة عند الفلاسفة، وليس هو العلم الشرعي المأثور عن الأنبياء والمرسلين، ولكنها الفلسفات العقيمة التي تورث الحيرة والشك.

وبين رحمه الله أن العلم وحده لا يكفي أبدًا في تحقيق السعادة، دون أن يقود صاحبه إلى محبة الله عز وجلّ، والعمل بمرضاته.

وفي هذا يقول رحمه الله: "وليس صلاح الإنسان ونفسه في مجرد أن يعلم الحق دون أن لا يحبه ويريده ويتبعه.


(١) شرح حديث جبريل (٥١٤).
(٢) المصدر نفسه (٤٩٦).
(٣) المصدر نفسه (٤٩٨).

<<  <   >  >>