للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والدار والقرية والمسجد ونحو ذلك يقال على الجملة المجتمعة، ثم ينقص كثير من أجزائها والاسم باق، وكذلك أسماء بعض الحيوان والنبات كلفظ الشجرة يقال على جملتها، فتدخل (١) فيه الأغصان وغيرها، ثم يقطع منها ما يقطع والاسم باق، وكذلك لفظ الإنسان والفرس والحمار يقال على الحيوان المجتمع الخلق، ثم يذهب كثير من أعضائه والاسم باق، وكذلك أسماء بعض الأعلام، كزيد وعمرو يتناول الجملة المجتمعة، ثم يزول بعض أجزائها والاسم باق.

وإذا كانت المركبات على نوعين بل غالبها من هذا النوع، لم يصح قولهم: إنه إذا زال جزؤه لزم أن يزول الاسم، إذا أمكن أن يبقى الاسم مع بقاء الجزء الباقي.

[[الإيمان له شعب، ويتبعض]]

ومعلوم أن اسم الإيمان من هذا الباب، فإن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: "الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى من الطريق والحياء شعبة من الإيمان" ثم من المعلوم أنه (٢) إذا زال (٣) الإماطة ونحوها لم يزل اسم الإيمان.

وقد ثبت عنه في الصحيحين أنه قال: "يخرج من النار من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان" (٤). فأخبر أنه يتبعض ويبقى بعضه، وأن ذاك من الإيمان، فعلم أن بعض الإيمان يزول ويبقى بعضه، وهذا ينقض مآخذهم الفاسدة، ويبين أن اسم الإيمان مثل اسم القرآن والصلاة والحج ونحو ذلك، أما الحج ونحوه ففيه أجزاء ينقص الحج بزوالها عن كماله الواجب ولا يبطل، كرمي الجمار، والمبيت بمنى، ونحو ذلك (٥)، وفيه أجزاء


(١) في (م) و (ط): "فيدخل".
(٢) في نسخة الأصل عبارة لا فائدة منها وهي: "إذا لم يزل، حذفناها لأنها ربما أخلت بالمعنى.
(٣) في (ط): "زالت".
(٤) سبق تخريج هذا الحديث ص ٣٨٣ من هذا الكتاب.
(٥) هذا على مذهب الجمهور بالنسبة للمبيت في منى إلا الأحناف فإنه عندهم سنة، وأما الرمي فقد وافق الأحناف الجمهور على وجوبه، المغنى (٣/ ٤٨٢، ٥٢٤).

<<  <   >  >>