(٢) في (م) ر (ط): "وسار". (٣) يوم الجمل هو يوم عصيب من أيام الفتنة التي وقعت في عصر الصحابة، وقد بدأت الفتنة بمقتل أمير المؤمنين عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، على أيدي زمرة باغية ظالمة، وكان قد نقم عليه أمور -هو فيها مجتهد رضي الله عنه - وثار الثائرون عليه وما كان يظن أحد من المسلمين أن الأمر سيصل إلى قتل هذا الخليفة الراشد البار، فلما قتل - رضي الله عنه - شهيداً، وبويع علي - رضي الله عنه -، أراد جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم المسارعة في الأخذ بالقصاص من قتلة عثمان، ورأى أمير المؤمنين علي التريث قليلاً، حتى تهدأ العاصفة، وتتضح الحقائق، ويتتبع قتلة عثمان - رضي الله عنه - للقصاص منهم، فإن المحيطين بالدار يوم قت عثمان كانوا أعدادا غفيرة، وهم من قبائل شتى ولهم شوكة ومنعة. ويوم الجمل هو اليوم الذي وقع فيه القتال بين معسكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، وبين هذه الجماعة من الصحابة المطالبين بدم عثمان - رضي الله عنه -، وعلى رأسهم أم المؤمنين عائشة الصديقة - رضي الله عنها - وطلحة والزبير رضي الله عن الصحابة أجمعين. وقد كانت مصيبة مقتل ذي النورين عثمان بن عفان - رضي الله عنه - مأساة مريرة دفعت بهؤلاء الصفوة من الصحابة للتعجل في الطلب بدم عثمان - رضي الله عنه -، ووقع الخلاف مع أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - بسب ذلك الذي كان يرى التريث ريثما تهدأ الأمور، وقد كاد يتم الصلح بين الفريقين بل قد تم فعلاً، إلا أن دعاة الفتنة من قتلة عثمان تفرقوا في المعسكرين وقاموا بمناوشات بين الجانبين، وظن كل فريق أن الفريق الآخر قد نكث ما أبرمه من صلح، فدارت رحى معركة عنيفة ذهب ضحية لها أكثر من عشرة آلاف من الجيشين، وقتل طلحة والزبير - رضي الله عنهما - على أيدي مؤججي الفتنة، وكانت الغلبة فيها لعلي - رضي الله عنه -، والجمل نسبة إلى جمل أم المؤمنين عائشة الصديقة - رضي الله عنها -، وكانت هذه الوقعة عام ستة وثلاثين للهجرة. وقد اعتزل كثير من الصحابة رضوان الله عليهم هذه الفتنة وما جرى بعدها من فتن، فلم يشتركوا في قتال أحد من المسلمين، ومن هؤلاء جمع من أكابر الصحابة وفضلائهم، منهم سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عمر، ومحمد بن مسلمة، وأسامة بن زيد، وأبو هريرة، وأبو مسعود الأنصاري، وأبو موسى الأشعري، وأبو بكرة، وسلمة بن الأكوع، وغيرهم رضي الله عنهم وأرضاهم. تاريخ الطبري (٤/ ٥٠٦)، الكامل لابن الأثير (٣/ ٢٣٢)، البداية والنهاية (٧/ ٢٥١).