وأقول: لقد غدت حادثة التحكيم تلك أسطورة كبرى يتوالى على نسج خيوطها الواهية وحبك أجزائها المتداعية الأفاكون والذين في قلوبهم مرض، ويتلقفها كثير من الدارسين على أنها حقائق مسلمة، وكانت الروايات الموضوعة والضعيفة محوراً جوهرياً أقام عليه المستشرقون وأذنابهم كثيراً من الدراسات الباطلة، والتحقيقات الوهمية، والنتائج المغلوطة، ومن ذلك الزعم بأن معاوية - رضي الله عنه - قام بكل ما قام به طلباً للخلافة، واستئثاراً بالملك، مع أن الثابت تاريخياً أن معاوية لم يطلب الخلافة إلا بعد استشهاد علي - رضي الله عنه -، وإنما كان يطالب بدم عثمان - رضي الله عنهما -، ولعن من قصد النيل من أحد صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتعمد تلك الأقلام الحاقدة على تصوير الصحابة رضوان الله عليهم بأبشع الصور، وتحاول الحط من قدرهم، وإلصاق كل نقيصة بهم، وأنه لم يكن لهم شغل سوى الاقتتال والتناحر من أجل مقاعد الحكم. ولقد آن الأوان أن يماط اللثام عن تلك الأقلام المسمومة التي تحاول التخفي وراء أقنعة النزاهة والموضوعية، وأن تنسف مناهجهم -التى ظاهرها البحث والتحري وباطنها الدس والطعن- ليخر ما شيد عليها من دراسات مزورة وكتابات مفتراة. . والله عز وجل هو المسؤول أن يرد كيد أعداء الأمة في نحورهم، وأن يوفق الباحثين المخلصين من أبناء المسلمين لخدمة دينه والذب عن حرماته. . (٢) سموا بالخوارج لأنهم خرجوا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -. مقالات الإسلاميين (١/ ٢٠٧). (٣) كلمة الإمام أحمد رواها الخلال في كتاب السنة برقم (١١٠)، وقال محققه د. عطية بن عتيق الزهراني (١٤٤): "إسناده صحيح". (٤) رواها مسلم في صحيحه في كتاب الزكاة باب ذكر الخوارج وصفاتهم وأورد فيه =