للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا تقرر هذا، فلأن لا يمنع منافع الأقوال (المضرة بها) (١) غيره أولى.

وقد قال تعالى: {. . . وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ. . . وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا. . .} [البقرة: ٢٨٢] (٢).

[[الخلاف في أخذ الأجرة على الشهادة]]

وللعلماء في أخذ الأجرة على النهاية أربعة أقوال: أشهرها أنها حلال عند الحاجة، وقيل تؤخذ حلالًا إن لم يتعين المحتاج، ولغير محتاج.

ووجه هذا أيضًا أنها يجوز تعيينها، ولا يكره تناولها بحال، والمنصوص عليه أنه من أخذ عند الإشهاد، لم يأخذ شيئًا عند الأداء، وعلى الجملة فإنهم يكرمون، لأن الله بهم حفظ الحقوق، وأقام الحدود، وصان بهم الفروج والأنساب (٣).


(١) هكذا في نسخة الأصل، ولم يتبين لي المراد بها، وقد يمكن الاستغناء عن قوله: المضرة بها، ولعل المعنى يقصد منافع الأقوال التي لو امتنع عنها لألحقت ضررًا بمن يحتاجونها، والله أعلم.
(٢) وننبه إلى أن هذا الجزء من الآية الكريمة: {وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ. . .} وقد ورد في نسخة الأصل قبل الجزء: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا. . .}، وقد تم تعديل ذلك حب الآية الكريمة.
(٣) قال المصنف في رسالة الحسبة (٢٨/ ٩٩): "وللفقهاء في أخذ الجعل على الشهادة أربعة أقوال، هي أربعة أوجه في مذهب أحمد وغيره: أحدها: أنه لا يجوز مطلقًا، والثاني: لا يجوز إلا عند الحاجة، والثالث: يجوز إلا أن يتعين عليه، والرابع: يجوز، فإن أخذ أجرًا عند العمل (هكذا في مجموع الفتاوى ولعل الأصح: التحمل) لم يأخذ عبد الأداء، وهذه المسائل لبسطها مواضع أخر".
قلت: ولم أجد بعد بحث أن المؤلف تكلم عن هذه المسألة إلا في هذا الكتاب الذي وفقنا الله للقيام بتحقيقه، فقد تكلم فيها المصنف أكثر من كلامه عليها في رسالة الحسبة.
وذهب ابن العربي في أحكام القرآن (١/ ٣٣٨) والقرطبي في تفسيره (٣/ ٣٦١) إلى أنه يجوز للإمام أن يقيم للناس شهودًا، ويجعل لهم من بيت المال كفايتهم، فلا يكون لهم شغل إلا تحمل حقوق الناس حفظًا لها، وإن لم يكن ذلك ضاعت الحقوق، وبطلت. .
وجمهور العلماء على أن تحمل الشهادة مندوب، وأداءها فرض.
حاشية الدسوقي (٤/ ١٩٩)، المغني (١٢/ ٩)، الإنصاف (١٢/ ٦).

<<  <   >  >>