للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه الكبيرة، كان يكون مثل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك تفسير الخوارج والمعتزلة، بأنه يخرج من الإيمان بالكلية [و] (١) يستحق به الخلود في النار، تأويل منكر كما تقدم، فلا هذا، ولا هذا.

ومما [يبين] (٢) ذلك أنَّه من المعلوم أن معرفة الشيء المحبوب، [تقتضي] (٣) حبه، ومعرفة المعظم تقتضي تعظيمه، ومعرفة المخوف تقتضي خوفه، فنفس العلم، والتصديق بالله، وما له من الأسماء الحسنى، والصفات العلى، توجب (٤) محبة القلب له، وتعظيمه وخشيته، وذلك يوجب إرادة طاعته، وكراهة (٥) معصيته.

والإرادة الجازمة مع القدرة، تستلزم وجود المراد، ووجود المقدور عليه منه، فالعبد إذا كان مريدًا للصلاة إرادة جازمة مع قدرته عليها صلى، فإذا لم يصل مع القدرة دل ذلك على ضعف الإرادة.

[[هل يعاقب على الإرادة بغير عمل؟ ]]

وبهذا يزول الاشتباه في هذا المقام، فإن الناس تنازعوا في الإرادة بلا عمل، هل يحصل بها عقاب؟ وكثر النزاع في ذلك، فمن قال: لا يعاقب احتج بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - الَّذي في الصحيحين: "إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل به" (٦).


= الإيمان الواجب الَّذي يتحقون الثَّواب بلا عقاب، ولهم الموالاة المطلقة، والمحبة المطلقة، وإن كان لبعضهم درجات في ذلك بما فعله من المستحب، فإذا غشهم لم يكن منهم حقيقة، لنقص إيمانه الواجب الَّذي به يستحقون الثواب المطلق بلا عقاب، ولا يجب أن يكون من غيرهم مطلقًا، بل معه من الإيمان ما يستحق به مشاركتهم في بعض الثواب، ومعه من الكبيرة ما يستحق به العقاب، كما يقول من استأجر قومًا ليعملوا عملًا، فعمل بعضهم بعض الوقت، فعند التوفية يصلح أن يقال: هذا ليس منا، فلا يستحق الأجر الكامل، وإن استحق بعضه) مجموع الفتاوى (١٩/ ٢٩٥).
(١) ما بين المعكوفتين ليس في نسخة الأصل، وهو في (م) و (ط).
(٢) في نسخة الأصل: يتبين؛ وأثبتنا في في (م) و (ط) لأنها أقرب إلى الصواب.
(٣) في نسخة الأصل و (م): يقتضي، وأثبتنا ما في (ط) لأنه أولى بالمعنى.
(٤) في (م) و (ط): يوجب.
(٥) في (ط): "كراهية".
(٦) رواه البخاري برقم (٥٢٦٩) كتاب الطلاق باب إذا قال لامرأته وهو مكره: هذه =

<<  <   >  >>