للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا تنازع العلماء في تكفير من يترك شيئًا من هذه الفرائض [الأربع] (١) بعد الإقرار بوجوبها.

[[كفر من ترك الشهادتين مع القدرة على التكلم بهما]]

فأما الشهادتان إذا لم يتكلم بها مع القدرة، فهو كافر باطنًا وظاهرًا عند سلف الأمة، وأئمتها، وجماهير علمائها.

وذهبت طائفة من المرجئة، وهم جهمية المرجئة، كجهم والصالحي وأتباعهما، إلى أنه إذا كان مصدقًا بقلبه كان كافرًا في الظاهر دون الباطن، وقد تقدم التنبيه على أصل هذا القول، وهو قول مبتدع في الإسلام، لم يقله أحد من الأئمة، وقد تقدم أن الإيمان الباطن يستلزم (٢) الإقرار الظاهر، بل وغيره، وأن وجود الإيمان الباطن تصديقًا وحيًا وانقيادًا بدون الإقرار الظاهر ممتنع.

[كفر من جحد معلومًا من الدين بالضرورة]

وأما الفرائض [الأربع] (٣): فإذا جحد وجوب شيء منها بعد بلوغ الحجة فهو كافر، وكذلك من جحد تحريم شيء من المحرمات الظاهرة المتواتر تحريمها، كالفواحش والظلم والكذب والخمر ونحو ذلك.

[[ثبوت الشروط وانتفاء الموانع في التكفير]]

وأما من لم تقم عليه الحجة، مثل أن يكون حديث عهد بالإسلام، أو نشأ ببادية بعيدة لم تبلغه فيها شرائع الإسلام ونحو ذلك، أو غلط فظن أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يستثنون من تحريم الخمر، كما غلط في ذلك الذين استتابهم عمر، وأمثال ذلك فإنهم يستتابون، وتقام عليهم الحجة، فإن أصروا كفروا حينئذٍ، ولا يحكم بكفرهم قبل ذلك، كما لم


= بيان أركان الإسلام، قد أشار إليه المصنف في كتابه هذا (شرح حديث جبريل) بقوله: "وقد كان إذا أنزل الله وحيًا، أو أحدث نسخًا، فيه تأكيد بحجة أو رخصة تدل على سعة الرحمة، بعث الأمناء الأمراء النجباء يعلمون من بعد عنه، كما بعث عليًا - رضي الله عنه - بسورة براءة، مناديًا ألا يحجن بعد العام مشرك، ولا يطوفن بالبيت عريان، وكل من كان بينه وبين النبي عهد فمدته إلى أربعة أشهر، وأنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة. وبعث معاذًا - رضي الله عنه - إلى اليمن". انظر: ص ٦٢٩ من هذا الكتاب.
(١) في نسخة الأصل: "الأربعة"، والتصحيح من (م) و (ط).
(٢) في (م): "مستلزم".
(٣) في نسخة الأصل و (م): "الأربعة"، والتصحيح من (ط).

<<  <   >  >>