للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجد عيبًا، وكالمشتري من الجالب جاهل الصفة، فثبت له الخيار حفظًا للجانبين، فإن المشتري إذا علم عيبًا في المبيع، أو غبن في الثمن، قد يرضى وقد لا يرضى، فإن لا يرضى فله فسخ البيع.

ففي الصحيحين عن حكيم بن حزام: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما) الحديث (١).

[[دفع الضرر]]

وفي السنن: (أن رجلًا كانت له شجرة في أرض غيره، وكان صاحب الأرض يتضرر بدخول صاحب الشجرة، فشكى ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأمر صاحب الجرة أن يتبرع إن شاء، أو يأخذ من ملك الرجل شجرة بدلها، فأبى إلَّا قطعها، أو الدخول عليه من أجلها، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما أنت مضار") (٢).

وحاجة الناس إلى الطعام والشراب واللباس وآلات الحرب، مما يستعان به على الجهاد، وما لا تتم المصالح إلَّا به، أكبر من حاجة هذا الرجل إلى حفظ أرضه.

فلهذا أمروا بالعدل في البيوع، والصدق في المعاملات، ليكون ذلك سبب سماح نفس صاحب السلعة ببيعها، ورغبة المحتاج إلى شرائها، فهذا وجه الحكمة في قوله: "بورك لهما في بيعهما".

فلو أن إنسانًا غبن في سوق مرة على إثر أخرى، حمله ذلك على أن لا يحمل إليه سلعة، ولا يعامل فيه مخلوقًا، فجر ذلك ضررًا وأثر فسادًا.

ولهذا يعين على الإمام أنهم إذا كانوا لا يتبايعون الطعام بثمن معروف، سعر لهم فيما يحفظ حرمة البائع والمشتري، وهو بيع الطعام بثمن المثل، وقيمة العدل، لا شطط ولا وكس.


(١) تقدم قريبًا تخريجه.
(٢) رواه أبو داود برقم (٣٦٣٦) كتاب الأقضية، والبيهقي (٦/ ١٥٧) عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عن جابر بن سمرة، وإسناده منقطع، لأن رواية أبي جعفر الباقر عن سمرة مرسلة، كما ذكر المزي في تهذيب الكمال (٢٦/ ١٣٦)، والذهبي في السير (٤/ ٤٠١)، والحافظ في تهذيب التهذيب (٩/ ٣١٢)، وقد ذكره الشيخ الألباني في كتابه ضعيف سنن أبي داود برقم (٧٨٥٩).

<<  <   >  >>