للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ذلك أن الناس يحتاجون إلى الصناعات، كالفلاحة، والبناية، والنساجة، إذ لا تتم أمورهم إلا بأقوات ومساكن ولباس ونحو ذلك، فإذا لم يجب لهم من المصالح ما لا بد لهم منه أضر بهم ذلك.

[[الصناعات والتجارات والزراعات من فروض الكفاية]]

فإن المسلمين لم يكن لهم بالمدينة إلا ما يجلب من الثياب، فكانوا يجلبون من اليمن ومن الشام ومصر، وأهل تلك الأمصار كفار، فكانوا يلبسون ما جاءهم من ذلك ولا يغسلونه، ويأكلون ما جاءهم من طعام ودهن ونحوه، ولا يتحرجون في شيء من ذلك، فحاجة الناس إلى خبز يخبز، وطعام يصنع، أكثر من حاجتهم إلى ثياب تلبس، وحاجتهم إلى بيوت يسكنونها، أعظم من القسمين الأولين.

فلذلك ذهب جماعة من الأئمة كمالك، والأوزاعي، وسفيان، والليث بن سعد، وإسحاق بن راهويه، وبه قال أبو حامد الغزالي (١) وأبو الفرج بن الجوزي (٢)،


(١) هو محمد بن محمد بن محمد الطوسي أحد الأعلام، من كبار المتصوفة في عصره، ومن أئمة الأشاعرة، قال عنه الذهبي: "الإمام البحر، حجة الإسلام، أعجوبة الزمان"، من كبار أئمة الشافعية، تتلمذ على يد إمام الحرمين، وولاه نظام الملك الوزير السلجوقي المشهور مدرسته العريقة النظامية ببغداد، ثم إنه تصوف، وترك ذلك بالكلية، له مصنفات كثيرة متداولة، من أهمها: إحياء علوم الدين، وقد ذمه طائفة من أهل العلم، وقال فيه الذهبي: "أما الإحياء ففيه من الأحاديث الباطلة جملة، وفيه خير كثير، لولا ما فيه من آداب ورسوم وزهد من طرائق الحكماء ومنحرفي الصوفية"، ومن مصنفاته: المستصفى في أصول الفقه، وإلجام العوام عن علم الكلام، والرد على الباطنية، ومقاصد الفلاسفة، وتهافت الفلاسفة، وغيرها، مات أبو حامد بطوس سنة ٥٠٥ هـ.
الكامل (١٠/ ٤٩١)، المنتظم (٩/ ١٦٨)، وفيات الأعيان (٤/ ٢١٦)، سير أعلام النبلاء (١٩/ ٣٢٢)، طبقات الشافعية للسبكي (٦/ ١٩)، البداية والنهاية (١٢/ ١٨٦)، شذرات الذهب (٦/ ١٨).
(٢) هو جمال الدين أبو الفرج بن الجوزي عبد الرحمن بن علي بن محمد القرشي التيمي البكري البغدادي، ينتهي نسبه إلى القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، وذكر هو أنه منسوب إلى محلة الجوز بالبصرة، من كبار علماء الحنابلة، صاحب التصانيف الكثيرة الشهيرة في جميع الفنون، من التفسير والحديث والفقه والزهد والوعظ والأخبار والتاريخ والطب وغير ذلك، نعته الذهبي بقوله: الشيخ الإمام العلامة الحافظ المفسر شيخ الإسلام مفخر العراق =

<<  <   >  >>