للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[[خيانة امرأة لوط عليه السلام في الدين لا في الفراش]]

وكانت في الظاهر مع زوجها على دينه، وفي الباطن مع قومها على دينهم خائنة لزوجها، تدل قومها على أضيافه كما قال تعالى فيها: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا} [التحريم: ١٠].

وكانت خيانتهما لهما في الدين لا في الفراش، فإنه ما بغت امرأة نبي قط، إذ نكاح الكافرة قد يجوز في بعض الشرائع، ويجوز في شريعتنا نكاح بعض الأنواع، وهن الكتابيات (١).

وأما نكاح البغي فهو دياثة، وقد صان الله النبي عن أن يكون ديوثاً، ولهذا كان الصواب قول من قال من الفقهاء بتحريم نكاح البغي حتى تتوب (٢).

والمقصود أن امرأة لوط لم تكن مؤمنة، ولم تكن من الناجين المخرجين، فلم تدخل في قوله تعالى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥)} وكانت من أهل البيت المسلمين، وممن وجد فيه، ولهذا قال تعالى: {فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٦)}.


(١) قال تعالى مبيحاً نكاح الكتابيات: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: ٥].
(٢) خلافاً لمذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية الذين ذهبوا إلى أنه لا تشترط التوبِة، وذهب أحمد وهو الصحيح إلى اشتراط التوبة لقوله تعالى: {وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور: ٣] قال الموفق: "لأنها إذا كانت مقيمة على الزنا لم يأمن أن تلحق به ولد غيره وتفسد فراشه". انظر هذه المسألة وأقوال الفقهاء فيها وأدلة كل فريق في "المغني" (٧/ ٥١٥ - ٥١٧).
وقال المؤلف في موضع آخر: "وذلك أن الزانية فيها إفساد فراش الرجل، وفي مناكحتها معاشرة الفاجرة دائماً ومصاحبتها، والله قد أمر بهجر السوء وأهله ما داموا عليه. . " ثم قال بعد كلام: "فأما تحريم نكاح الزانية فقد تكلم فيه الفقهاء من أصحاب أحمد وغيرهم، وفيه آثار عن السلف، وإن كان الفقهاء قد تنازعوا فيه، وليس من أباحه ما يعتمد عليه" دقائق التفسير (٤/ ٤٠٣)، وانظر: تفسير ابن كثير (٣/ ٢٦٣) عند قوله تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً. . .}.

<<  <   >  >>