للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكبائر كما أخبر بزيادة عذاب [بعض] (١) الكفار على بعض في الآخرة بقوله تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ} [النحل: ٨٨].

فهذا أصل ينبغي معرفته فإنه مهم في هذا الباب، فإن كثيراً ممن تكلم في مسائل الإيمان والكفر لتكفير أهل الأهواء لم يلحظوا هذا الباب، ولم يميزوا بين الحكم الظاهر والباطن، مع أن الفرق بين هذا وهذا ثابت بالنصوص المتواترة والإجماع المعلوم، بل هو معلوم بالاضطرار من دين الإسلام (٢)، ومن تدبر هذا علم أن كثيراً من أهل الأهواء والبدع، قد يكون مؤمنًا مخطئاً جاهلاً ضالاً عن بعض ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وقد يكون منافقاً زنديقاً يظهر خلاف ما يبطن.

و[هنا] (٣) أصل آخر، وهو أنه جاء في الكتاب والسنة وصف أقوام بالإسلام دون الإيمان فقال تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤)} [الحجرات: ١٤].

وقال تعالى في قصة لوط: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الذاريات: ٣٥، ٣٦].

وقد ظن طائفة من الناس أن هذه الآية تقتضي أن مسمى الإسلام والإيمان (٤) واحد، وعارضوا بين الآيتين، وليس كذلك، بل هذه الآية توافق الآية الأولى، لأن الله تعالى أخبر أنه أخرج من كان فيها مؤمناً وأنه لم يجد إلا أهل بيت من المسلمين، وذلك لأن امرأة لوط كانت في أهل البيت الموجودين، ولم تكن من المخرجين الذين نجوا، بل كانت من الغابرين الباقين في العذاب.


(١) ليست في نسخة الأصل.
(٢) هذا هو أحد الأصول المهمة في قضية الإيمان وإحدى القضايا التي ركز عيها المؤلف في هذا الكتاب.
(٣) في نسخة الأصل: "وهذا"، وأثبتنا ما في (م) و (ط) لأنه أقرب إلى الصواب.
(٤) في (ط): "سمى الإيمان والإسلام.

<<  <   >  >>