للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دون الصيام، وإن كان الصوم واجبًا، كما في آيتي براءة (١)، فإن براءة نزلت بعد فرض الصيام باتفاق الناس.

[[الكلام على حديث معاذ]]

وكذلك لما بعث معاذ بن جبل - رضي الله عنه - إلى اليمن قال له: "إنك تأتي قومًا أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة ألا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإن هم أجابوك لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة، فإن هم أطاعوك بذلك (٢)، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم، فإن هم أطاعوا لك بذلك (٣) فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" أخرجاه في الصحيحين (٤).

ومعاذ أرسله إلى اليمن في آخر الأمر بعد فرض الصيام، بل بعد فتح مكة، بل بعد تبوك، وبعد فرض الحج والجزية، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - مات ومعاذ باليمن، وإنما قدم المدينة بعد موته (٥)، ولم يذكر في هذا الحديث الصيام


(١) المقصود بآيتي براءة هي قوله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)} [التوبة: ٥]، وقوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (١١)} [التوبة: ١١].
(٢) في (م) و (ط): "لذلك"، وقد جاءت الروايات بالأمرين.
(٣) في (ط): "أطاعوك لذلك"، وقد جاءت الروايات بالأمرين أيضًا.
(٤) رواه البخاري برقم (١٣٩٥) كتاب الزكاة باب وجوب الزكاة، ومسلم برقم (١٩) ١/ ٥٠، كتاب الإيمان باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام، والترمذي برقم (٦٢٥) كتاب الزكاة، والنسائى برقم (٢٤٣٥) كتاب الزكاة، وأبو داود برقم (١٥٨٤) كتاب الزكاة، وابن ماجه برقم (١٧٨٣) كتاب الزكاة، والدارمي برقم (١٦١٤) كتاب الزكاة، وأحمد برقم (٢٠٧٢).
(٥) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح (٣/ ٣٥٨): "وكان بعث معاذ إلى اليمن سنة عشر قبل حج النبي - صلى الله عليه وسلم -كما ذكره المصنف في أواخر المغازي، وقيل: كان ذلك في أواخر سنة تسع عند منصرفه - صلى الله عليه وسلم - من تبوك. . وقيل عام الفتح سنة ثمان، واتفقوا على أنه لم يزل على اليمن إلى أن قدم في عهد أبي بكر، ثم توجه إلى الشام فمات بها". =

<<  <   >  >>