للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل

[النزاع في مسائل الإيمان]

ثم بعد ذلك تنازع الناس في اسم المؤمن والإيمان نزاعاً كثيراً منه لفظي، وكثير منه معنوي، فإن أئمة الفقهاء لم ينازعوا في شيء مما ذكرناه من الأحكام، وإن كان بعضهم أعلم بالدين وأقوم به من بعض، ولكن تنازعهم في الأسماء كتنازعهم في الإيمان: هل يزيد وينقص؟ وهل يستثنى فيه أم لا؟ وهل الأعمال من الإيمان أم لا؟ وهل الفاسق الملي مؤمن كامل الإيمان أم لا؟

[[مذهب أهل السنة في مسائل الإيمان]]

والمأثور عن الصحابة وأئمة التابعين وجمهور السلف، وهو مذهب أهل الحديث، وهو منسوب إلى أهل السنة أن الإيمان: قول وعمل، يزيد وينقص، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، وأنه يجوز الاستثناء فيه كما قال عمير بن [حبيب] (١) الخطمي (٢) وغيره من الصحابة: (الإيمان يزيد وينقص، فقيل له: وما زيادته وما نقصانه؟ فقال: إذا ذكرنا الله وحمدناه وسبحناه فتلك زيادته، وإذا غفلنا ونسينا وضيعنا فذلك نقصانه) (٣)، فهذه الألفاظ المأثورة عن جمهورهم.


(١) في نسخة الأصل: جبير وهو خطأ، والصَّحيح من (م) و (ط).
(٢) هو عمير بن حبيب بن خماشة الأنصاري الخطمي، له صحبة، ذكر البخاري أنه بايع تحت الشجرة، وقال ابن عبد البر: "روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لكن لم تعرف له عن النبي - صلى الله عليه وسلم - رواية من وجه ثابت، كما ذكر ذلك بعض العلماء، الإصابة (٣/ ٣٠)، والاستيعاب على هامش الإصابة (٢/ ٤٩٠).
(٣) هذا الأثر رواه ابن أبي شيبة (١١/ ١٣) وذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في الإصابة أن البغوي رواه بسنده موقوفاً، قال: حدثنا أبو نصر التمار حدثنا حماد بن سلمة عن أبي جعفر الخطمي عن أبيه عن جده عمير بن حبيب، (٣/ ٣٠)، وعزاه كذلك إلى ابن شاهين، وقد رواه الإمام عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب السنة برقم (٦٢٤) وقال محققه الدكتور محمد بن سعيد القحطانى: "في سنده من لم أقف له على ترجمة وهو يزيد بن عمير" (السنة ١/ ٣١٥)، ورواه الإمام الآجري في كتاب الشريعة برقم (٢١٥)، (٢١٦) ص ٥٨٣ - ص ٥٨٤، وقال محققه الدكتور عبد الله بن عمر الدميجي: "إسناده حسن إن سمع أبو جعفر من جده، وإلا ففي الحديث التالي عن أبيه عن جده؛ ولم يذكر المزي ولا ابن حجر =

<<  <   >  >>