وقال الحافظ في الإصابة (٤/ ١١٦): "وذكر جمع من الرافضة أنه مات مسلمًا، وتمسكوا بما نسب إليه من قوله. . ." وذكر البيت السابق وبيتًا قبله. ثم قال: "إنه نظير ما حكى الله تعالى عن كفار قريش: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: ١٤] فكان كفرهم عنادًا ومنشؤه من الأنفة والكبر، وإلى ذلك أشار أبو طالب بقوله: لولا أن تعيرني قريش (٤/ ١١٧)، على أننا ننبه أن هذه الآية جاءت في معرض قصة آل فرعون، ليست من كفار قريش، وإن كان المعنى يشمل الجميع، ولعل الأنسب هنا ذكر قوله تعالى: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام: ٣٣]. وروى الشيخان من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكر عنده عمه يقول: "لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه، يغلي منه أم دماغه" رواه البخاري برقم (٦٥٦٤) كتاب الرقاق باب صفة الجنة والنار، ومسلم برقم (٢١٠) ١/ ١٩٥ كتاب الإيمان باب شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي طالب والتخفيف عنه بسببه، وأحمد برقم (١٠٦٧٤). وروى مسلم في صحيحه برقم (٢١٢) (١/ ١٩٦) كتاب الإيمان باب أهون أهل النار عذابًا عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أهون أهل النار عذابًا أبو طالب، وهو منتعل بنعلين يغلي منهما دماغه"، ورواه أحمد برقم (٢٦٣١)، وابن حبان في صحيحه برقم (٦٣٧١) ١٤/ ١٦٨، وأبو يعلى في مسنده برقم (١٣٦٠) ٢/ ٥١٢. وقد تولى الحافظ رحمه الله في كتاب "الإصابة" (٤/ ١١٦ - ١١٩) إبطال ما نسبه بعض الرافضة من صحة إسلام أبي طالب، وقال: "فهذا شأن من مات على الكفر، فلو كان مات على الوحيد لنجا من النار أصلًا، والأحاديث الصحيحة والأخبار المتكاثرة طافحة بذلك". (١) في (ط): "كراهية".