للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[[كفر إبليس وفرعون واليهود مع علمهم]]

وأما إبليس وفرعون واليهود ونحوهم، فما قام بأنفسهم من الكفر وإرادة العلو والحسد منع من حب الله، وعبادة القلب له الذي لا يتم الإيمان إلا به، وصار في القلب من كراهة (١) رضوان الله واتباع ما أسخطه ما كان كفرًا لا ينفع معه العلم.


= الإيمان باب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت، ما لم يشرع في النزع، وهو الغرغرة، ونسخ جواز الاستغفار المشركين، والدليل على أن من مات على الشرك، فهو من أصحاب الجحيم، ولا ينقذه من ذلك شيء من الوسائل، والنسائي برقم (٢٠٣٥) كتاب الجنائز، وأحمد برقم (٢٣١٦٢)، وابن حبان في صحيحه برقم (٩٨٢) ٣/ ٢٦٢. وقد أورد الحافظ في الإصابة (٤/ ١١٧) رواية ابن إسحاق التي يرويها عن ابن عباس، والتي يها أن العباس أصغى إلى أبي طالب فسمعه يلفظ الشهادة، وساق بعدها حديث الصحيحين الذي يخالفها ثم قال: "فهذا هو الصحيح برد الرواية التي ذكرها ابن إسحاق، إذ لو كان قال كلمة التوحيد، ما نهى الله تعالى نبيه عن الاستغفار له".
وقال الحافظ في الإصابة (٤/ ١١٦): "وذكر جمع من الرافضة أنه مات مسلمًا، وتمسكوا بما نسب إليه من قوله. . ." وذكر البيت السابق وبيتًا قبله.
ثم قال: "إنه نظير ما حكى الله تعالى عن كفار قريش: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: ١٤] فكان كفرهم عنادًا ومنشؤه من الأنفة والكبر، وإلى ذلك أشار أبو طالب بقوله: لولا أن تعيرني قريش (٤/ ١١٧)، على أننا ننبه أن هذه الآية جاءت في معرض قصة آل فرعون، ليست من كفار قريش، وإن كان المعنى يشمل الجميع، ولعل الأنسب هنا ذكر قوله تعالى: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام: ٣٣].
وروى الشيخان من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكر عنده عمه يقول: "لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه، يغلي منه أم دماغه" رواه البخاري برقم (٦٥٦٤) كتاب الرقاق باب صفة الجنة والنار، ومسلم برقم (٢١٠) ١/ ١٩٥ كتاب الإيمان باب شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي طالب والتخفيف عنه بسببه، وأحمد برقم (١٠٦٧٤).
وروى مسلم في صحيحه برقم (٢١٢) (١/ ١٩٦) كتاب الإيمان باب أهون أهل النار عذابًا عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أهون أهل النار عذابًا أبو طالب، وهو منتعل بنعلين يغلي منهما دماغه"، ورواه أحمد برقم (٢٦٣١)، وابن حبان في صحيحه برقم (٦٣٧١) ١٤/ ١٦٨، وأبو يعلى في مسنده برقم (١٣٦٠) ٢/ ٥١٢.
وقد تولى الحافظ رحمه الله في كتاب "الإصابة" (٤/ ١١٦ - ١١٩) إبطال ما نسبه بعض الرافضة من صحة إسلام أبي طالب، وقال: "فهذا شأن من مات على الكفر، فلو كان مات على الوحيد لنجا من النار أصلًا، والأحاديث الصحيحة والأخبار المتكاثرة طافحة بذلك".
(١) في (ط): "كراهية".

<<  <   >  >>