للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول رحمه الله في موضع آخر: "وقالوا: حيث حكم الشرع بكفر أحد بعمل أو قول، فلكونه دليلاً على انتفاء ما في القلب، وقولهم متناقض، فإنه إذا كان ذلك دليلاً مستلزمًا لانتفاء الإيمان الذي في القلب، امتنع أن يكون الإيمان ثابتًا في القلب، مع الدليل المستلزم لنفيه، فإن لم يكن دليلاً لم يجز الاستدلال به على الكفر الباطن" (١).

ويعلق رحمه الله بعد ذلك بقوله: "وهذه الفضائح تختص بها الجهمية دون المرجئة من الفقهاء وغيرهم" (٢).

[خلاصة هامة]

قد تقدم أن الإيمان عند أهل السنّة يشمل: قول القلب وقول اللسان، وعمل القلب وعمل الجوارح.

والقائلون بأن الإيمان هو المعرفة أو التصديق -وهم الجهمية والأشاعرة والماتريدية وغيرهم- يخرجون من مسمى الإيمان: عمل القلب، وقول اللسان، وعمل الجوارح، فكل هذه ليست عندهم من الإيمان.

وأما القائلون بأن الإيمان هو التصديق والإقرار -وهم مرجئة الفقهاء- فقد ألزمهم شيخ الإسلام بأمرين لا محيص عنهما:

الأمر الأول: إن أخرجوا أعمال القلوب من مسمى الإيمان، فقد لزمهم قول الجهمية ولا بد.

الأمر الثاني: وإن أدخلوا أعمال القلوب في مسمى الإيمان لزمهم إدخال أعمال الجوارح، فإنها لازمة لها.

يقول المصنف عن هؤلاء: "لكنهم إذا لم يدخلوا أعمال القلوب في الإيمان، لزمهم قول جهم، وإن أدخلوها في الإيمان لزمهم دخول أعمال الجوارح أيضًا، فإنها لازمة لها" (٣).


(١) مجموع الفتاوى (٧/ ٦١٤).
(٢) شرح حديث جبريل (٤٩٤).
(٣) الإيمان (١٥٥).

<<  <   >  >>