للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهؤلاء الملاحدة ما عندهم غير يمكن أن يعبد، ولا غير يمكن أن يتخذ وليًا، ولا إلهًا، بل هو العابد والمعبود، والمصلي والمصلى له، كما قال شاعرهم ابن الفارض (١) في قصيدته نظم السلوك:

[[شعر ابن الفارض في وحدة الوجود]]

لها صلواتي بالمقام أقيمها ... وأشهد فيها أنها لي صلتي

كلانا مصل واحد ساجد إلى ... حقيقته بالجمع في كل سجدة

إلى قوله:

وما كان لي صلى سواي ولم تكن ... صلاتي لغيري في أدا كل ركعة (٢)

إلي رسولا كنت مني مرسلا ... وذاتي بآياتي علي استدلتي (٣)

وقوله:

وما زلت إياها وإياي لم تزل ... ولا فرق بل ذاتي لذاتي أحبت (٤)


(١) ابن الفارض هو: شرف الدين عمر بن علي بن مرشد الحموي المصري، صاحب الاتحاد الذي قد ملأ به التائية - القصيدة التي أورد المصنف جزءًا منها -كما قال الذهبي، وقال أيضًا: فإن لم يكن في تلك القصيدة صريح الاتحاد الذي لا حيلة في وجوده، فما في العالم زندقة ولا ضلالة. . انتهى، ويلقبه الصوفية بسلطان العشاق والمحبين، أصله من حماة، ومولده ونشأته ووفاته بمصر، له ديوان شعر، ومات سنة ٦٣٢ هـ، وفيات الأعيان (٣/ ٤٥٤)، سير أعلام النبلاء (٢٢/ ٣٦٨)، ميزان الاعتدال (٢/ ٢٦٦)، العبر (٥/ ١٢٩)، البداية والنهاية (١٣/ ١٥٤)، لسان الميزان (٤/ ٣١٧)، شذرات الذهب (٧/ ٢٦١).
(٢) الأبيات السابقة في ديوان ابن الفارض (٦١)، مراجعة كرم البستاني.
(٣) المصدر نفسه (٨٩).
(٤) المصدر نفسه (٧١).
ويلاحظ أن البيت الأخير ترتيبه في الديوان المطبوع قبل البيت الذي قبله، وهذه القصيدة تسمى "نظم السلوك"، وتسمى التائية الكبرى، لأن له أيضًا في ديوانه تائية صغرى، والتائية الكبرى كما في الديوان المطبوع تبلغ نحو سبعمائة وستين بيتًا، وقد حشاها ابن الفارض -كما ذكر الذهبي بالاتحاد- من عقائد المارقة من المتصوفة، ودعا إلى وحدة الأديان كما في قوله:
وإن نار بالتنزيل محراب مسجد ... فما بار بالإنجيل هيكل بيعة
وأسفار توراة الكليم لقومه ... يناجي بها الأحبار في كل ليلة
وإن خر للأحجار في البد عاكف ... فلا وجه للإنكار بالعصبية =

<<  <   >  >>