للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المنافقين الذين من بعدهم، لعز الإسلام، وظهوره إذ ذاك بالحجة والسيف، تحقيقاً لقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٣٣)} (١) ".

ويقول: "ولهذا لم يكن المتهمون بالنفاق نوعاً واحداً، بل فيهم المنافق المحض، وفيهم من فيه إيمان ونفاق، وفيهم من إيمانه غالب، وفيه شعبة من نفاق، وكان كثير ذنوبهم بحسب ظهور الإيمان، ولما قوي الإيمان وظهر الإيمان وقوته عام تبوك، صاروا يعاتبون من النفاق على ما لم يكونوا يعاتبون عليه قبل ذلك .. " (٢).

[حكم المنافقين]

كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبل علانيتهم، ويكل سرائرهم إلى الله عزّ وجل، وعلى هذا فحكمهم في الدنيا: أن تجري عليهم أحكام الإسلام الظاهرة.

وأما حكمهم في الآخرة: فهم في الدرك الأسفل من النار، خالدون فيها وبئس المصير.

وفي ذلك يقول المصنف في سياق الحكم على تاركي الصلاة الذين يصلون تارة ويدعون أخرى: "فهؤلاء فيهم إيمان ونفاق، وتجري عليهم أحكام الإسلام الظاهرة في المواريث ونحوها من الأحكام، فإن هذه الأحكام إذا جرت على المنافق المحض -كابن أبي وأمثاله من المنافقين- فلأن تجري على هؤلاء أولى وأحرى .. ".

"وكان في المنافقين من يعلمه الناس بعلامات ودلالات، بل لا يشكون في نفاقه، ومن نزل القرآن ببيان نفاقه -كابن أبي وأمثاله- ومع هذا فلما مات هؤلاء ورثهم ورثتهم المسلمون، وكان إذا مات لهم ميت آتوهم ميراثه، وكانت تعصم دماؤهم، حتى تقوم البينة الشرعية على أحدهم بما يوجب عقوبته .. " (٣).


(١) المصدر نفسه (٢٩٨).
(٢) المصدر السابق (٤٠٤).
(٣) المصدر نفسه (٥٦٧ - ٥٦٨).

<<  <   >  >>