للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقط- ولكنهم يتضورون جوعًا بل يموتون جوعًا، يشاهدون كل هذا عبر وسائل الإعلام المختلفة، ويرون ما يندى له الجبين، ويتفطر له قلب كل مؤمن يرجو الله واليوم الآخر، من صور في المجلات، ويسمعون في ذلك الإذاعات، حتى تحدث أن بعضهم أكل بعض، والله يعفو عن تقصيرنا ويتجاوز عن سيئاتنا، إنه أكرم مسؤول.

إن كلام شيخ الإسلام هذا، لهو تأصيل لواجب العمل الإغاثي، ونبراس لهيئات الإغاثة التي تنتشر بين المسلمين، وتذكير لكل مجتمع مسلم آمن مطمئن يعيش رخاءً ورغدًا، بواجبه تجاه مجتمع مسلم آخر، تسربل بلباس الجوع والخوف، والله لا يضيع أجر المحسنين.

[النهي عن الرشوة من الإحسان]

وقد أشار المصنف إلى حرمتها، واستدل على ذلك بحديث: (لعن الله الراشي والمرتشي)، وبقصة عبد الله بن رواحة حين أراد اليهود رشوته لما بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - لخرص ثمارهم، فأرادوه أن يحابيهم، فأبى - رضي الله عنه - وقال لهم: "يا معشر يهود! أنتم أبغض الخلق إلي، قتلتم أنبياء الله، وكذبتم على الله، وليس يحملني بغضي إياكم أن أحيف عليكم، قد خرصت عشرين ألف وسق من تمر، فإن شئتم فلكم، وإن أبيتم فلي".

فما كان منهم -وهم القوم البهت- إلا أن قالوا: بهذا قامت السماوات والأرض، قد أخذناها، قال: فأخرجوا عنا (١).

وفي أثناء الحديث عن المعاملات يذكر المصنف بمزية فريدة لمذهب الإمام المبجل أحمد بن حنبل - رضي الله عنه - من حيث السعة والشمول قائلًا: "وأصل مذهب أحمد في العقود الجواز، فلا يحرم منها إلا ما حرمه الله ورسوله، ومذهبه أوسع المذاهب في باب المزارعة والمناصبة والمساقاة، وكل ما كان من المعاملات المباحة" (٢).


(١) المصدر السابق (٦٢٠).
(٢) المصدر السابق (٦٢٣).

<<  <   >  >>