للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[كيفية جهاد المنافقين]

يذكر المصنف -رحمه الله- أن الله عزّ وجلّ أمر نبيه الكريم أن يجاهد الكفار والمنافقين وأن يغلظ عليهم، فقال سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٧٣)} [التوبة: ٧٣].

وجهاد الكافرين واضح للعيان، ولكن كيف يكون جهاد تلك الفئة التي تنتسب ظاهرًا إلى الإسلام، وتندس بين صفوف المسلمين تزرع الفتنة وتتربص بهم الدوائر، عليهم دائرة السوء؟

ويجيب على ذلك المصنف -رحمه الله- بعد أن تساءل قائلاً: فإذا كان المنافق تجري عليه أحكام الإسلام في الظاهر، فكيف يمكن مجاهدته؟ .

"قيل: ما يستقر في القلب من إيمان ونفاق، لا بد أن يظهر موجبه في القول والعمل .. فإذا أظهر المنافق من ترك الواجبات، وفعل المحرمات ما يستحق عليه العقوبة، عوقب على الظاهر، ولا يعاقب على ما يعلم من باطن، بلا حجة ظاهرة" (١).

ولكن التزام المنافقين بأحكام الإسلام الظاهرة لا ينفعهم أبداً، لأن القاعدة الإيمانية التي تقوم عليها تلك الأحكام، وتقبل بسببها الأعمال ليست موجودة عندهم، وقد أخبر الله عن المنافقين أنهم يصلون ويزكون وأنه لا يقبل منهم.

وذكر الحافظ ابن كثير عن الحسن وقتادة ومجاهد أن جهاد المنافقين يكون بإقامة الحدود عليهم (٢)، وهذا قريب مما ذكره المصنف.

وذكر كثير من السلف رضوان الله عليهم أن مجاهدة المنافقين تكون باللسان زجراً وتأنيباً، وإقامة الحجة عليهم (٣).

يقول تلميذ المصنف الحافظ ابن قيم الجوزية -رحمه الله-: "وكذلك جهاد المنافقين، إنما هو بتبليغ الحجة، وإلا فهم تحت قهر أهل الإسلام، قال


(١) المصدر السابق (٥٧٥).
(٢) تفسير القرآن العظيم (٢/ ٣٧٢).
(٣) تفسير ابن جرير (١٠/ ١٨٤)، أحكام القرآن لابن العربي (٢/ ٥٤٤)، أحكام القرآن للقرطبي (٨/ ١٢٩)، تفسير القرآن العظيم (٢/ ٣٧٢).

<<  <   >  >>