وقد اختلف أهل العلم في زكاة الحلي على قولين مشهورين: أحدهما: أنه لا زكاة يه، وهو مذهب المالكية والحنابلة والمعتمد عند الشافعية. الثاني: وجوب الزكاة يه، وذهب إليه الحنفية والشافعي في القول الآخر في الجديد. يقول المصنف في رسالة الحسبة (٢٨/ ٩٩): "ومذهب غير واحد من الصحابة والتابعين أن زكاة الحلي عاريته، وهو أحد الوجهين في مذهب أحمد وغيره". ويقول في موضع آخر (١٦/ ٢٥): "وأما الحلي فإن كان للنساء فلا زكاة فيه عند مالك والليث والشافعي وأحمد وأبي عبيد، وروي ذلك عن عائشة وأسماء وابن عمر وأنس وجابر - رضي الله عنهم - وعن جماعة من التابعين، وقيل: فيه الزكاة، وهو مروي عن عمر وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وجماعة من التابعين، وهو مذهب أبي حنيفة والثوري والأوزاعي. . . ". قلت: لكل من الفريقين أدلته، وليس هذا مكان إيرادها وتفصيلها، والمصنف بقوله هذا يميل إلى القول الأول، ولكن إن أخرجها الإنسان فهو الأحوط والأبرأ للذمة، لأن المسألة خلافية، فمن أخرجها فقد سقط عنه الإثم عند من يقول بالوجوب، ولا شيء عليه عند من لم يوجبها، لكن لا يطالب المرء بإخراج زكاة السنن الماضية لجهله بالحكم. وممن اختار القول بوجوب الزكاة في حلي المرأة من المعاصرين سماحة العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز -مفتي عام المملكة العربية السعودية السابق- يرحمه الله، وفضيلة العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين يرحمه الله، وللشيخ العلامة عبد الله البسام رسالة مطبوعة في تلك المسألة استقصى فيها أطرافها، ورجح القول بعدم وجوب الزكاة. . . لكن ما الحال في المرأة التي لا تخرج زكاة حليها ولا تعيره لمحتاجة من النساء تطلبه لتستعمله في يوم نكاح أو عبد أو غير ذلك؟ وما الشأن في المرأة التي تستكثر من اتخاذ الحلي كوسيلة لحفظ المال لنوائب الدهر كما تقول؟ انظر: حاشية ابن عابدين (٢/ ٣٠)، حاشية الدسوقي (١/ ٤٦٠)، المجموع (٦/ ٣٥)، المغني (٣/ ١٣)، كشاف القناع (٢/ ٢٣٥).