للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القرآن مخلوق فهو كافر، ومن قال: أن الله لا يرى في الآخرة فهو كافر (١).

[[التكفير المطلق والتكفير المعين]]

ولا يكفر الشخص المعين حتى تقوم عليه الحجة، كما تقدم ممن (٢) جحد وجوب الصلاة والزكاة، واستحل الخمر والزنا [وتأول فإن] (٣) ظهور تلك الأحكام بين المسلمين أعظم من ظهور هذه، فإذا كان المتأول يخطئ (٤) في تلك لا يحكم بكفره إلا بعد البيان له واستتابته، كما فعل الصحابة في الطائفة الذين استحلوا الخمر، ففي غير ذلك أولى وأحرى، وعلى هذا يخرج الحديث الصحيح حديث (٥) الذي قال: "إذا أنا مت فأحرقوني، ثم اسحقوني، ثم ذروني (٦) في اليم، فوالله لئن قدر الله علي


(١) كتاب السنة (١/ ١١١ - ٢٣٢)، شرح أصول اعتقاد أهل السنة (١/ ٢١٦ - ٣٢٢). وقال المصنف رحمه الله في موضع آخر من مجموع الفتاوى (١٢/ ٤٨٥): "المشهور من مذهب الإمام أحمد، وعامة أئمة السنة تكفير الجهمية، وهم المعطلة لصفات الرحمن، فإن قولهم صريح في مناقضة ما جاءت به الرسل من الكتاب، وحقيقة قولهم جحود الصانع، ففيه جحود الرب، وجحود ما أخبر به عن نفسه على لسان رسله، ولهذا قال عبد الله بن المبارك: إنا لنحكي كلام اليهود والنصارى، ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية، وقال غير واحد من الأئمة: إنهم أكفر من اليهود والنصارى، يعنون من هذه الجهة، ولهذا كفروا من يقول: القرآن مخلوق، وأن الله لا يُرى في الآخرة، لأن الله ليس على العرش، وإن الله ليس له علم، ولا قدرة، ولا رحمة، ولا غضب، ونحو ذلك من صفاته. . ".
وللمصنف بعد ذلك كلام نفيس -ينبغي مراجعته- في الحكم على غالب الفرق والطوائف المشهورة التي حادت عن طريق أهل السنة والجماعة، مع تنبيهه رحمه الله إلى أصل عظيم، وهو أن التكفير المطلق لا يستلزم تكفير المعين، لأن هناك شروط لا بد من ثبوتها، وموانع لا بد من انتفائها في حق المعين حتى يحكم عليه بالكفر.
وفد تكلم المصنف رحمه الله في تلك الحالة الهامة مرات عديدة، ومن ذلك ما ذكره في مجموع الفتاوى في عدة مواضع، منها (٢٨/ ٥٠٠)، (٣٥/ ١٦٥).
(٢) في (م) "فمن"، وفي (ط): "كمن".
(٣) في نسخة الأصل: "وأولى بأن"، وفي (م): "وأولى فإن"، وأثبتنا ما في (ط) لأنه الصواب.
(٤) في (م) و (ط): "المخطئ".
(٥) كلمة "حديث" ليست في (ط).
(٦) عبارة "ثم ذروني" ليست في (م) و (ط).

<<  <   >  >>