للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتبين أن ذكر الأعمال بعد الإيمان هي من باب عطف الخاص على العام.

وعلى هذا فالأمر -كما يفهم من كلام شيخ الإسلام- في هذه الصورة لا يخلو من حالين:

إما أن يكون هذا الخاص (الأعمال) داخلاً في العام (الإيمان)، فيكون مذكورًا مرتين.

إما أن يكون عطفه عليه يقضي أنه ليس داخلاً فيه هنا، وإن كان يدخل فيه منفردًا، كما هو الحال في الشهادتين، ولفظ الفقير والمسكين، وغيرها من الألفاظ التي تتنوع دلالاتها بالإفراد والاقتران (١).

ثانيًا: وأما قولهم: إنهم خوطبوا بالإيمان قبل الأعمال، "فنقول: إن قلتم: إنهم خوطبوا به قبل أن تجب تلك الأعمال، فقبل وجوبها تكن من الإيمان، وكانوا مؤمنين الإيمان الواجب عليهم، قبل أن يفرض عليهم ما خوطبوا بفرضه، فلما نزل إن لم يقروا بوجوبه لم يكونوا مؤمنين" (٢).

ثالثًا: وأما قولهم إن من آمن ومات قبل وجوب العمل عليه مات مؤمنًا ودخل الجنة "فصحيح، لأنه أتى بالواجب عليه، والعمل لم يكن وجب عليه بعد" (٣).

كما يرد على هؤلاء بإجماع السلف الصالح قاطبة رضوان الله عليهم، أن الإيمان قول وعمل، يزيد بالطاعات، وينقص بالمعاصي.

خامسًا: الرد على الجهمية والأشاعرة والماتريدية:

قد سبق أن مذهب هؤلاء في الإيمان أنه المعرفة والتصديق، ونحن نذكر في هذا المقام كلام أحد أئمتهم، وهو القاضي أبو بكر الباقلاني،


(١) شرح حديث جبريل (٤٤٢)، الإيمان (١٦٠).
(٢) الإيمان (١٥٦).
(٣) المصدر نفسه (١٥٧)، ونود أن نشير إلى أن هذا الوجه قد تقدم، كأحد الأدلة التي ذكرها شيخ الإسلام على تبعض الإيمان.

<<  <   >  >>