للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول المصنف مفنِّدًا هذا الأصل: "وبهذا تعرف أن من آمن قلبه إيمانًا جازمًا امتنع أن لا يتكلم بالشهادتين فعدم الشهادتين مع القدرة مستلزم انتفاء الإيمان القلبي التام. . " (١).

الأصل الرابع: وهذا أصل لازم لهم، وهو أنه يلزمهم أن من سجد للصليب والأوثان طوعًا، وألقى المصحف في الحش عمدًا، وقتل النفس بغير حق، وقتل كل من رآه يصلي، وسفك دم كل من يراه يحج البيت، وفعل ما فعلته القرامطة بالمسلمين، يجوز أن يكون مع كل هذا مؤمنًا وليًا لله، إيمانه مثل إيمان النبيين والصديقين.

إبطال هذا الأصل:

نقول إن الإيمان الذي في القلب له مع هذه الأمور حالتين لا غير:

الحالة الأولى: أن يكون منافيًا لها، ومضادًا لها.

الحالة الثانية: أن لا يكون منافيًا لها، ولا مضادًا لها.

فإن كان منافيًا لها كان ترك هذه الأمور موجب الإيمان الباطن ومقتضاه ولازمه، فلا يكون مؤمنًا في الباطن الإيمان الواجب إلا من تركها، فمن لم تركها دل ذلك على فساد الإيمان الباطن.

فإن لم يكن منافيًا لها أمكن وجودها معه، فلا يكون وجودها إلا مع عدم الإيمان الباطن.

وبهذا يتبين أن الأعمال والتروك الظاهرة لازمة للإيمان الباطن، وبالتالي فإنها من موجبه ومقتضاه، وبالتالي أيضًا فإنها تقوى بقوته، وتضعف بضعفه، وتزيد بزيادته، وتنقص بنقصانه، لأن الشيء المعلول لا يزيد إلا بزيادة موجبه ومقتضاه، ولا ينقص إلا بنقصان ذلك، فإذا جعل العمل الظاهر موجب الباطن ومقتضاه لزم أن تكون زيادته لزيادة الباطن، فيكون دليلًا على زيادة الإيمان الباطن ونقصه لنقص الباطن، فيكون نقصه دليلًا على نقص الباطن، وهو المطلوب، كما يقول المصنف (٢).


(١) شرح حديث جبريل (٤٤٤).
(٢) المصدر السابق (٤٩٥).

<<  <   >  >>