للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن هذه الصنائع فرض كفاية (١)، فإنه لا تتم المصالح بين الناس بدون ذلك، كالجهاد، وطلب العلم الشرعي الذي يجب على كل أحد أن يتعلم ما يجب عليه من ذلك، فإن هذا شيء مبني على الأعيان، وكل من وجبت عليه الصلاة كان عليه أن يتعلم ما يتيقن به سقوط الفرض عنه، وكذلك في سافر العبادات المشروعة.

قال - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح عنه: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" (٢)،


= اشتهر بالوعظ وهو دون العشرين، وهو حامل لواء الوعظ بين علماء الأمة بلا مدافع، وكاد مجلس وعظه حافلًا هائلًا، يجتمع فيه في أقل الأحوال عشرة آلاف، وقد يزيدون فيبلغون أكثر من ذلك بكثير، وكان يحضر مجلس وعظه الخلفاء والملوك والوزراء والأمراء والعلماء والفقراء وسائر أصناف الناس، يقول عنه المصنف في أجوبته المصرية: "كان الشيخ أبو الفرج مفتيًا كثير التصنيف والتأليف، وله مصنفات في أمور كثيرة، حتى عددتها فرأيتها أكثر من ألف مصنف، ورأيت بعد ذلك ما لم أره"، وقال عنه الذهبي: ما علمت أن أحدًا من العلماء صنف ما صنف هذا الرجل، وذكر أكثر أهل العلم أن له أكثر من ثلاثمائة مصنف، منها زاد المسير في التفسير، وجامع المسانيد، والمنتظم في التاريخ، والأحاديث الموضوعة، والعلل المتناهية، وصيد الخاطر، وصفة الصفوة، وتلبيس إبليس، وساق الذهبي وابن رجب جملة وافرة منها، وقد نقم عليه رحمه الله ميله في بعض المسائل إلى التأويل، وتأثره بأبي الوفا ابن عقيل، ومات رحمه الله سنة ٥٩٧ هـ عن سبعة وثمانين عامًا.
وفيات الأعيان (٣/ ١٤٠)، مرآة الجنان (٨/ ٤٨١)، مجموع الفتاوى (٥/ ٤٠٠)، سير أعلام النبلاء (٢١/ ٣٦٥)، العبر (٤/ ٢٩٨)، البداية والنهاية (١٣/ ٣)، ذيل طبقات الحنابلة (١/ ٣٩٩)، شذرات الذهب (٦/ ٥٧٣).
(١) يقول الغزالي رحمه الله في إحياء علوم الدين (١/ ٢٧): "وأما فرض الكفاية فهو علم لا يستغنى عنه في قوام أمور الدنيا كالطب، إذ هو ضروري في حاجة بقاء الأبدان، وكالحساب فإنه ضروري في المعاملات وقسمة الوصايا والمواريث وغيرهما، وهي العلوم التي لو خلا البد عمن يقوم بها حرج أهل البلد، وإذا قام بها واحد كفى، وسقط الفرض عن الآخرين، فلا بتعجب من قولنا: إن الطب والحساب من فروض الكفايات، فإن أصول الصناعات أيضًا من فروض الكفايات، كالفلاحة والحياكة والسياسة، بل والحجامة والخياطة. . ".
وقد ذكر المصنف كلامًا قريبًا من ذلك في مجموع الفتاوى (٤/ ١١٤)، وكذلك في رسالة الحسبة (٢٨/ ٨٠).
(٢) روى البخاري برقم (٧١) كتاب العلم باب، ومسلم برقم (١٠٣٧) كتاب الزكاة =

<<  <   >  >>