للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وراء، كذلك يقال: صدقته، وأنا له مصدق، ولا يقال: صدقت له به، وهذا خلاف آمن، فإنه [لا] (١) يقال إذا أردت التصديق آمنته، كما يقال: أقررت له، ومنه قوله: آمنت له كما يقال: أقررت له، فهذا فرق في اللفظ.

والفرق الثاني: ما تقدم من أن الإيمان لا يستعمل في جميع الأخبار (٢)، بل فى الإخبار عن الأمور الغائبة ونحوها، مما يدخلها الريب، فإذا أقر بها المستمع، قيل: آمن، بخلاف لفظ التصديق، فإنه عام متناول لجميع الأخبار (٣)، وأما المعنى فإن الإيمان مأخوذ من الأمن الذي هو الطمأنينة، كما أن لفظ الإقرار مأخوذ من قر يقر، وهو قريب من آمن يأمن، لكن الصادق يطمئن إلى خبره، والكاذب بخلاف ذلك، كما يقال للصدق (٤) طمأنينة، والكذب ريبة، فالمؤمن داخل (٥) في الأمن، كما أن المقر دخل في القرار (٦)، ولفظ الإقرار يتضمن الالتزام، ثم إنه يكون على وجهين:

(أحدهما): الإخبار وهو من هذا الوجه، كلفظ التصديق والشهادة ونحوهما، وهذا معنى الإقرار الذي يذكره الفقهاء في كتاب الإقرار.

و(الثاني): إنشاء الالتزام كما في قوله تعالى: {قَالَ (٧) أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} [وليس هو هنا بمعنى الخبر المجرد فإنه سبحانه قال: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي}] (٨) [آل عمران: ٨١] فهذا التزام (٩) للإيمان، والنصر للرسول - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك لفظ الإيمان، فيه إخبار


(١) ما بين المعكوفتين ليس في نسخة الأصل، وهو في (م) و (ط).
(٢) في (ط): "الإخبار".
(٣) في (ط): "الإخبار".
(٤) في (م) و (ط). "الصدق".
(٥) في (م) و (ط): "دخل".
(٦) في (ط): "الإقرار".
(٧) كلمة "قال" ليست في (م) و (ط).
(٨) ما بين المعكوفتين ليس في نسخة الأصل، وهو في (م) و (ط).
(٩) في (ط): "الالتزام".

<<  <   >  >>