الثالث: أن هذه الحقيقة، أو تلك المركبات لم تبق كما كانت، ولم تعد على تركيبها، كالشجرة إذا زال بعض أجزائها، لم تبق كما كانت قبل زوال تلك الأجزاء.
والإيمان والصلاة والحج من هذا الباب، فإذا زال بعضها لم تبق كما كانت قبل زوال بعضها.
ولكن لا يلزم -كما سبق- من زوال بعضها أن تزول بقية أجزائها.
الرابع: هل يلزم من زوال بعض أجزاء المركبات زوال اسمها؟ .
والجواب: أن المركبات في ذلك على قسمين:
قسم: ما يكون التركيب فيها شرطًا في إطلاق الاسم عليها.
فإذا زالت بعض أجزاء التركيب، زال الاسم بزوالها، ومثال ذلك اسم العشرة واسم السكنجيين، واسم الإيمان المطلق إذا نظرنا إلى أنه مركب من قول وعمل.
وقسم: ما لا يكون التركيب فيها شرطًا في الاسم.
فهذه المركبات لا يزول الاسم عنها بزوال بعض أجزائها، لأن التركيب فيها ليس شرطًا في إطلاق الاسم عليها.
والأمثلة على هذا القسم كثيرة، "وجميع المركبات المتشابهة الأجزاء من هذا الباب، وكذلك المخلفة الأجزاء" (١).
ومن الأمثلة على هذا القسم:
العباد، والطاعة، والخير، والبر، والإحسان، والصدقة، والعلم، مما يدخل فيه أمور كثيرة، ويتكون من أجزاء عديدة، فإن الاسم في هذه الأشياء يطلق على القليل منها وعلى الكبير، ويطلق الاسم أيضًا عليها إذا زالت بعض أجزائها، وبقيت أجزاء أخرى منها.
ومن ذلك لفظ القرآن، فإنه يطلق على جميع القرآن، ويطلق على بعضه، ولو نزل قرآن أكثر من هذا لسمي قرآنًا.
(١) شرح حديث جبريل (٣٩٣).