للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك لفظ القول والكلام والذكر والدعاء، يطلق على القليل والكثير.

وكذلك لفظ البحر والنهر والمدينة والقرية، يطلق عليها الاسم حتى ولو نقصت بعض أجزائها.

وكذلك لفظ النبات والحيوان والإنسان، لو قطع شيء من النبات، أو من الحيوان، أو من الإنسان، لسمي المقطوع منه نباتًا وحيوانًا وإنسانًا.

وهكذا نرى أنَّ كثيرًا من المركبات، إذا زالت بعض أجزائها، لا تزول أجزاؤها الأخرى، ولا يزول الاسم عنها بزوال بعض أجزائها.

وعلى هذا فلا يصح قولهم: إن الشيء إذا زال جزء منه، لزم أن يزول الاسم، إذا أمكن أن يبقى الاسم مع بقاء الجزء الثاني.

الخاص: اسم الإيمان من القسم الثاني من المركبات، التي يطلق الاسم فيها على قليله وغيره، باعتبار أن الإيمان بضع وسبعون شعبة، وعلى هذا لا يلزم أن يزول الإيمان كلها إذا زال بعض أجزائه، ولا يلزم أيضًا أن يزول اسم الإيمان بالكلية بزوال بعض الأجزاء.

ففي الحديث الصحيح: "الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان".

ومعلوم أنه إذا زالت الإماطة، لم يزل اسم الإيمان.

وفي الحديث الآخر - صلى الله عليه وسلم -: "يخرج من النار من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان".

فأخبر في هذا الحديث أنه يتبعض، وأنه يذهب بعضه، ويبقى بعضه (١).

السادس: الإيمان له كمالان: كمال واجب، وكمال مستحب.

كالصلاة والحج، فالصلاة فيها أجزاء تنقص بزوالها عن كمال


(١) المصدر السابق (٣٨٥ - ٣٩٤) بشيء من التصرف.

<<  <   >  >>