للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاستحباب، وفيها أجزاء واجبة تنقص بزوالها عن الكمال الواجب.

والحج فيه أجزاء ينقص بزوالها عن كماله الواجب، ولا يبطل بتركها؛ كرمي الجمار، والمبيت بمنى، وكير ذلك؛ وفيه أجزاء ينقص بزواله عن كماله المستحب.

فتبين أن المركبات من القسم الثاني، لها كمال واجب، وكمال مستحب، بحسب الأجزاء الناقصة منها (١).

السابع: ليس للإيمان حقيقة واحدة، مثل حقيقة السواد والبياض؛ بل الإيمان -وكذلك الكفر- يختلف بسبب عدة أمور:

منها: اختلاف حال المكلف، واختلاف بلوغ التكليف له، وزوال الخطاب الذي به التكليف.

وتفصيل ذلك بما يلي:

١ - في بداية الدعوة كان الإيمان تامًا بما نزل فقط، فمن آمن قبل أن تفرض الصلوات الخمس، كان مؤمنًا تام الإيمان، ومن آمن بعد فرضها، وقبل أن يفرض الصيام كان أيضًا مؤمنًا تام الإيمان، ومن آمن قبل أن تحرم الخمر، ويحرم الربا كان مؤمنًا تام الإيمان، مع أن مثل هذا الإيمان لا يقبل بعد نزول الفرائض، وتحريم هذه الأمور، واكتمال الدين، الذي دل عليه قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}.

٢ - بعد إكمال الدين، كما بلغ الإنسان شيء من الدين وجب عليه الإيمان به، وما لم يبلغه، ولم يمكنه معرفته، فلا يجب عليه، فصار الإيمان يختلف هنا بحسب حال المكلف.

٣ - إذا آمن الإنسان ثم مات قبل أن يجب عليه شيء من الأعمال، فقد مات كامل الإيمان الذي وجب عليه.


(١) المصدر السابق (٣٩٤).

<<  <   >  >>