للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإيمان، كافرًا بما فيه من الكفر، فيقوم به كفر وإيمان، وادعت المرجئة أن هذا خلاف الإجماع.

لذا كان إخراج الأعمال من الإيمان عندهم هو الطريق الصحيح، لتجنب قول الخوارج والمعتزلة من جهة، ولموافقة هذا الأصل الفاسد من جهة أخرى (١).

ويزيد شيخ الإسلام رحمه الله في توضيح شبهة من مغ من أهل البدع أن يجتمع في الرجل شعبة من إيمان وشعبة من كفر، وتداعيات هذه الشبهة.

حين قال بعضهم: لا يجتمع في الرجل الواحد طاعة ومعصية، لأن الطاعة من الإيمان، والمعصية من الكفر، فلا يجتمع فيه كفر وإيمان، وقالوا: ما ثم إلا مؤمن محض، أو كافر محض.

وهذا الأصل الفاسد الذي شيدت عليه المرجئة مذهبهم في الإيمان، وهو أنه لا يجتمع في الإنسان ما هو إيمان وما هو كفر -وزعموا أن الإجماع عليه- طرده كثير من أهل البدع، واستعملوه في بعض القضايا الفلسفية.

فقد نقل بعض هؤلاء حكم الواحد من الناس إلى الواحد من الأعمال، فقالوا:

لا يكون العمل الواحد محبوبًا من وجه، مكروهًا من وجه.

وغلا بعضهم فنقله إلى الواحد بالنوع، فقال:

لا يجوز أن يكون جنس السجود أو جنس الركوع أو غير ذلك من الأعمال بعض أنواعه طاعة، وبعض أنواعه معصية، وعلل ذلك بقوله: لأن الحقيقة الواحدة لا توصف بوصفين مختلفين، بل الطاعة والمعصية تتعلقان بأعمال القلوب، وهو ما يقصده الساجد أو الراكع، ولا علاقة لهما بالعمل الظاهر (٢).


(١) سبق من قرب إيراد هذه المآخذ البدعية.
(٢) المصدر السابق (٣٨٥) بتصرف، وقائل هذا هو أبو هاشم الجبَّائي من كبار شيوخ المعتزلة، وذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن الناس اشتد نكيرهم عليه بما خالفه من إجماع، وبما جحده من ضروريات شرعة وعقلية.

<<  <   >  >>