(القسم الثالث): المرتبة الثالثة: وهم الطائفة المفضولة، وهم معاوية - رضي الله عنه -، وأصحابه، وهم مجتهدون مخطئون في اجتهادهم. وقد أفاض المصنف في هذه القضية كثيرًا وأطال في الاستدلال على ما ذهب إليه في مواضع شتى من كتبه الأخرى. يقول رحمه الله في منهاج السنة (٦/ ٢٣٦): "وأما الصحابة فجمهورهم وجمهور أفاضلهم ما دخلوا في فتنة"، وذكر ما رواه عبد الله بن أحمد عن أبيه بسنده إلى محمد بن سيرين رحمه الله قال: "هاجت الفتنة، وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة آلاف، فما حضرها منهم مائة، بل لم يبلغوا ثلاثين"، وقال المصنف عقب ذلك: "وهذا الإسناد من أصح إسناد على وجه الأرض، ومحمد بن سيرين من أورع الناس في منطقه، ومراسيله من أصح المراسيل". وقال رحمه الله أيضًا في مجموع الفتاوى (٣٥/ ٥٣): "وأما جمهور أهل العلم، فيفرقون بين الخوارج المارقين، وبين أهل الجمل وصفين، وغير أهل الجمل، وصفين، ممن يعد من البغاة المتأولين، وهذا هو المعروف عن الصحابة، وعليه عامة أهل الحديث والفقهاء والمتكلمين، وعليه نصوص أكثر الأئمة وأتباعهم من أصحاب مالك وأحمد والشافعي وغيرهم. . وأكثر أكابر الصحابة لم يقاتلوا، لا من هذا الجانب، ولا من هذا الجانب، واستدل التاركون للقتال بالنصوص الكثيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ترك القتال في الفتنة، وبينوا أن هذا قتال فتنة، وكان علي - رضي الله عنه - مسرورًا لقتال الخوارج، ويروي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأمر بقتالهم، وأما قتال صفين فذكر أنه ليس معه فيه نص، وإنما هو رأي رآه، وكان أحياناً يحمد من لم ير القتال. . ". منهاج السنة (٤/ ٤٦٣، ٤٦٦، ٥٠١، ٥٠٢، ٥٠٦، ٥٣٥)، (٦/ ٢٠٩، ٢٣٧، ٣٣٣)، مجموع الفتاوى (٣٥/ ٥٣، ٧١). قلت: وقد درج جمع من الكتاب المعاصرين، وهم أحد فريقين، إما فريق متحامل موتور، أخذ طريقة المستشرقين ومنهجهم في محاولة تشويه تاريخ الصحابة =