للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والآن نأتي إلى الحديث عن حكم تارك الصلاة، كقضية متعلقة بقضية رئيسية، وهي حكم ترك جنس العمل.

حكم تارك الصلاة:

تارك الصلاة الذي نعنيه في هذا المقام ليس الجاحد لفرضيها، المنكر لوجوبها، فإن من جحد شيئًا معلومًا بالضرورة من الدين -صلاة أو غيرها- فهو كافر، لا خلاف في ذلك.

وإنما نعني بالتارك هنا الذي يترك الصلاة تكاسلًا وتهاونًا، مع إقراره بوجوبها.

والمصنف حين يتحدث في هذا المقام عن تارك الصلاة، فيقصد به تاركها بالكلية، الذي لا يصلي بالمرة، أما من كان يصلي أحيانًا، ويدع أحيانًا أخرى فهو عنده داخل تحت الوعيد.

يقول رحمه الله في موضع آخر: "فأما من كان مصرًا على تركها لا يصلي قط، ويموت على هذا الإصرار والترك، فهذا لا يكون مسلمًا، لكن أكثر الناس يصلون تارة، ويتركونها أخرى، فهؤلاء ليسوا محافظين عليها، وهؤلاء تحت الوعيد، وهم الذين جاء فيهم الحديث الذي في السنن حديث عبادة بن الصامت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "خمس صلوات كتبهن الله على العباد في اليوم والليلة. . " (١).


= اعتقادهم وقولهم: إن من قال لا إله إلا الله، ولم يعمل شيئًا من أعمال الإسلام يكون مؤمنًا، ولحكم له بالإسلام، وغالى بعضهم فطرد هذا الحكم الباطل، وقال: إن من قال لا إله إلا الله، وحارب أحكام الشريعة الإسلامية بتطبيق وفرض القوانين الوضعية، فهو مسلم! ! ، وقد كانت هذه الدعوى الباطلة من أهم الدعاوى الشيطانية التي قاوم بها عباد القبور ومجاورة الأضرحة الدعوة السلفية التى جدد الله أمرها في أواسط القرن الثاني عشر الهجري، على يد الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه، وذلك حين قاموا ينعقون بأن مجرد التكلم بالشهادتين كاف في البقاء على الإسلام , حتى وهم يدعون من دون الله أربابًا، ويذبحون ويطوفون لمن لا يملك لهم ضرًا ولا نفعًا، وما زالت فلول المرجئة في هذا العصر تنافح عن بدعة الإرجاء التي بالغ السلف في ذمها، وتصر على أن الإسلام مجرد كلمة تقال باللسان، وأخرى توضع في سجلات الهوية! ! .
(١) مجموع الفتاوى (٢٢/ ٤٩)، وسيأتي الحديث بتمامه بعد قليل إن شاء الله تعالى.

<<  <   >  >>