للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجواب الثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يذكر في كل مقام ما يناسبه، فيذكر تارة الفرائض الظاهرة التي تقاتل عليها الطائفة الممتنعة، كالصلاة والزكاة، ويذكر تارة ما يجب على المسائل، فمن أجابه بالصلاة والصيام مثلاً، لم يكن عليه زكاة يؤديها، ومن أجابه بالصلاة والزكاة والصيام، فإما أن يكون هذا قبل فرض الحج، وإما أن يكون المسائل ممن لا حج عليه (١).

ولكن قد يرد على هذين الجوابين مثل حديث معاذ - رضي الله عنه -، وهو من آخر الأحاديث، ولا شك في ذلك، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - مات ومعاذ في اليمن، ومع ذلك فلم يذكر في حديثه لا الصيام ولا الحج! ! ! .

وقد أجاب المصنف بعدم ذكر الصيام لأنه تبع وهو باطن، ولم يذكر الحج لأن وجوبه خاص ليس بعام، وهو لا يجب في العمر إلا مرة واحدة (٢).

والقول المتوجه في حديث معاذ - رضي الله عنه - أن المقام لم يكن مقام فرض وتشريع، ولكنه كان مقام دعوة وتعليم، وأسلوب الحديث ينبئ عن صحة هذا القول، وبالله التوفيق (٣).


(١) المصدر نفسه (٥٤٩).
(٢) المصدر السابق (٥٥٠).
(٣) وسيرد إن شاء الله تعالى مزيد من التوضيح عند الكلام على حديث معاذ - رضي الله عنه - أثناء تحقيق متن الكتاب.

<<  <   >  >>