للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (٥) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (٦) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (٧)} [الماعون: ٤ - ٧].

وفي السنن عن ابن مسعود - رضي الله عنه -: "كنا نعد ذلك على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - عارية، الدلو والقدر والفأس ونحوهن" وفي الصحيح مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لما ذكر الخيل قال: "هي لرجل أجر، ولرجل ستر، فأما الذي هي له أجر، فرجل ربطها في سبيل الله، فشبعها وريها وبولها وروثها حسنات، وأما الذي هي له ستر، فرجل ربطها تعففًا وتغنيًا، فهو يرى حق الله في بطونها وظهورها".

وفي الصحيح خرجه البخاري مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ومن حق الإبل إعارة ذكرها، وإطراق فحلها".

ثم قال: فلا يمنع المعروف من الناس بطلب الأجرة على مثل هذه الأشياء، فإن الله يأمر بالعدل والإحسان" (١).

وصدق رحمه اللهُ، فلو قيل بوجوب دفع أجرة المثل، لانقطع المعروف بين الناس، وقل الإحسان فيهم، وسادت المادية بينهم.

ومن ذلك سماح الرجل لغيره بأن يجري ماؤه في أرضه ليعل إلى أرض صاحبه، من غير إضرار بصاحب الأرض، والراجح وجوب ذلك.

ومن ذلك أيضًا إعارة الحلي للمحتاجة من النساء، في نكاح أو عيد أو مناسبة، واستدل المصنف لذلك يقول عدة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن زكاة الحلي عاريته (٢).

وبعد ذلك يأتي المصنف بقاعدة عظيمة شاملة لكل ما سبق، وهي ما عبر عنها بقوله: "وبذل هذه الأشياء يستحب تارة، ويجب أخرى بحسب الحاجة إليها، وكذلك بذل منافع البدن يجب تارة، فلا يحل منعها، كنصر المظلوم باللسان وباليد.

كما يجب بذل العلم، وإفتاء الناس، وتعليم الأمي ما وجب عليه،


(١) المصدر السابق (٥٩٣).
(٢) المصدر السابق (٥٩٣).

<<  <   >  >>