للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فروض أعيان متى ألجأت الضرورات إليها، وفي ذلك يقول: "والمقصود هنا أن هذه الأعمال التي هي فرض كفاية متى وقعت الضرورات إلى شيء منها تعينت، وصارت من الواجبات، لا سيما إن كان الذي تلجئ الضرورة إليه غير عاجز عن القيام بالقدر المطلوب من ذلك. . " (١).

ويضرب لتلك القاعدة مثالًا يقول فيه: "فإذا كان الناس يحتاجون إلى نساجة قوم، أو فلاحتهم، صار ذلك العمل واجبًا عليهم، يجبرهم ولي الأمر عليه.

فإذا قاموا بما وجب عليهم من الفلاحة، وجب عليه منعهم أن يظلموا، ولا يمكن الجند من انتقاصهم من حقهم، فإن الجند لا بد لهم من الفلاحين، فيلزمون أن لا يمنعوا الفلاح حقه، كما أنهم يلزمون أن يقوموا بالفلاحة. . ".

ثم تحدث المصنف عن المزارعة وأنها سنة صحيحة ماضية، باعتبارها من الإحسان في أعمال الجوارح، لأنها تعاون بين صاحب الأرض من جهة، وبين من يزرع الأرض ويقوم عليها من جهة أخرى.

وفي أثناء الاستدلال لصحتها ذكر رحمه الله انشغال الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين بالجهاد ونشر الإسلام، ولذا فقد عهد بزراعة خيبر بعد فتحها -على سبيل المثال- إلى أهلها. مع أن المصنف ينبه على ضرورة الاستغناء عن الكفار في كل ما يحتاجه المسلمون، إذا كانوا قادرين على القيام به.

ثم تحدث المصنف عن وجوب الجهاد ووجوب صناعة آلاته، ووجوبه على كل مسلم حسب طاقته، وفي ذلك يقول: "فكما أن الجهاد واجب، فعمل آلاته وبيعها إذا اضطر إليها عند قوم تعين وجوب العمل بأجرة المثل، وبذل الآلة بثمن المثل، أو بالمشترى الأول، وما يقع عليه الرضا من الكسب، فإنه إن بذل ذلك تبرعًا كان مجاهدًا، فإن المؤمن عليه أن يجاهد بيده وبلسانه وبقلبه، وعليه النفقة في عسره ويسره، ومنشطه


(١) المصدر السابق (٦٠٠).

<<  <   >  >>