ثانيًا: لقد ظهر من خلال النظر في النسختين المخطوطتين التركيتين للكتابين المذكورين، أن كتاب "شرح حديث جبريل" سمي "كتاب الإيمان"، وأن كتاب "الإيمان الكبير" قد سمي "كتاب شرح الإيمان"، وهاتان التسميتان تتفقان مع ما قررناه آنفًا من إيجازه رحمه الله في "شرح حديث جبريل"، وتوسعه في "الإيمان الكبير"، وتوحيان للباحث أن "شرح حديث جبريل" متقدم في التأليف على "الإيمان الكبير".
فقد وجدت في مقدمة النسخة التركية لكتاب "الإيمان الكبير" في أعلى الصفحة العنوان التالي: "كتاب فيه شرح كتاب الإيمان تأليف الشيخ الإمام. . . " ولعل في هذا ترجيحًا على أن كتاب "شرح حديث جبريل" متقدم على "الإيمان الكبير".
وليس المقصود بالطبع بكلمة الشرح هنا ما تعارف عليه أهل الفنون خصوصًا المتأخرين منهم، حيث تطلق هذه الكلمة على توضيح لعبارات متن موجز، وإنما المقصود ما ذكرناه في السبب الأول.
ومما تجدر الإشارة إليه أن النسختين التركيتين لناسخ واحد، وفي مخطوط واحد، وهما أقدم نسخ الكتابين على الإطلاق.
ثالثًا: أن كتاب "شرح حديث جبريل" كتاب كامل انتهى منه مؤلفه كما ظهر ذلك من النسخة التركية للكتاب.
أما كتاب "الإيمان الكبير" فهو كتاب ناقص من آخره، كما ذكر الناسخ في آخر النسخة التركية "للإيمان الكبير" أن مؤلفه رحمه الله قد مات قبل أن يتمه، وذلك حين أشار رحمه الله في بعض المواقع أنه سوف يقوم ببسطها في الكتاب، ولكن الأجل حال دون ذلك الأمر.
كما يشعر بذلك كل من اعتنى بمطالعة الكتاب، بل إننا نستطيع أن نقول بعد كل هذا: إن كتاب "الإيمان الكبير" من آخر ما ألفه رحمه الله في حياته، وذلك لما ذكرناه آنفًا، ولما احتواه هذا السفر العظيم من علم غزير، وطرق نفيس لموضوع من أهم بل هو أهم الموضوعات التي تتناولها الدراسات العقدية.