للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال حذيفة - رضي الله عنه -: "النفاق اليوم أكثر منه على عهد رسول الله" وفي روية: "كانوا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يسرونه، واليوم يظهرونه" (١).

وذكر البخاري في صحيحه عن ابن أبي مليكة (٢) قال: "أدركت ثلاثين من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - كل منهم يخاف النفاق على نفسه" (٣).


= وقال المؤلف في منهاج السنة (٥/ ٢٣٧): "وكان إذا مات الميت المجهول حاله لا يصلي عليه عمر حتى يصلي عليه حذيفة خشية أن يكون من المنافقين. . ".
وقال الحافظ ابن كثير عند تفسير قوله تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ}: "وكان عمر بن الخطاب لا يصلي على جنازة من جهل حاله حتى يصلي عليها حذيفة بن اليمان لأنه كان يعلم أعيان المنافقين قد أخبره بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، ثم نقل عن أبي عبيد من كتابه الغريب أنَّ عمر أراد أن يصلي على جنازة رجل فمرزه حذيفة كأنه أراد أن يصده عن الصلاة عليها، ثم حكى عنه أنَّ بعضهم يقول إنَّ المرز بلغة أهل اليمامة هو القرص بأطراف الأصابع. تفسير القرآن العظيم (٢/ ٣٨١)، والقصة في غريب القرآن لأبي عبيد (٢/ ٣٦).
(١) روى البخاري نحوه عن حذيفة - رضي الله عنه - قال: "إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا يومئذ يسرون واليوم يجهرون" كتاب الفتن برقم (٧١١٣) باب إذا قال عند قوم شيئاً ثم خرج فقال بخلافه.
وروى عنه أيضاً قوله: "إنما كان النفاق على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فأما اليوم فإنما هو الكفر بعد الإيمان". وكل هذه الألفاظ متقاربة المعنى، وهي تدل على تفشي النفاق وإظهار أهله له دون مواراة، وهذا في زمن حذيفة - رضي الله عنه - الذي هو من خير الأزمان، كيف لو أدرك زماننا هذا! ! ، ورأى أنَّ المنافقين فيه أشر وأخطر وأكثر عدداً وعدة من المنافقين في عصره، بل رأى الزنادقة والملاحدة وهم يجهرون بزندقتهم وإلحادهم بدعوى حرية الفكر والتعبير، والله المستعان.
(٢) هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة زهير بن عبد الله بن جدعان أبو بكر الأحول، وقيل: أبو محمد القرشي التيمي المكي الإِمام الحجة الحافظ القاضي المؤذن، كان عالماً مفتياً قاضياً لابن الزبير ومؤذناً له، من كبار التابعين، أدرك خلقاً من الصحابة نحواً من ثمانين صحابياً، وهو معدود في طبقة عطاء بن أبي رباح، مات سنة سبع عشرة ومائة. طبقات ابن سعد (٥/ ٤٧٣)، التاريخ الكبير للبخاري (٥/ ١٣٧)، الجرح والتعديل (٥/ ٩٩)، تذكرة الحفاظ (١/ ١٠١)، العبر (١/ ١٤٥)، سير أعلام النبلاء (٥/ ٨٨)، تهذيب التهذيب (٥/ ٢٦٨)، شذرات الذهب (٢/ ٨٠).
(٣) ذكره البخاري في كتاب الإيمان وعنون به باباً (١/ ٣٢).

<<  <   >  >>