للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمقصود أن الناس ينقسمون في الحقيقة إلى مؤمن، ومنافق كافر في الباطن مع كونه مسلماً في الظاهر، وإلى كافر باطناً وظاهراً.

ولما كثرت الأعاجم في المسلمين تكلموا بلفظ الزنديق (١)، وشاعت في لسان الفقهاء، وتكلم الناس في الزنديق هل تقل توبته في الظاهر، إذا عرف بالزندقة ودفع إلى ولي الأمر قبل توبته؟ .

فمذهب مالك، وأحمد في أشهر الروايتين عنه، وطائفة من أصحاب الشافعي، وهو أحد القولين في مذهب أبي حنيفة أن توبته لا تقبل.

والمشهور من مذهب الشافعي قبولها، كالرواية الأخرى عن أحمد، وهو القول الآخر في مذهب أبي حنيفة، ومنهم من فضل (٢).


(١) قال صاحب لسان العرب: "الزنديق: القائل ببقاء الدهر، فارسي معرب، وهو بالفارسية: زند كراي، يقول بدوام بقاء الدهر، والزندقة الضيق، وقبل الزنديق منه لأنه ضيق على نفسه".
قال في القاموس المحيط (١١٥١): "الزنديق بالكسر: في الثنوية، أو القائل بالنور والظلمة، أو من لا يؤمن بالآخرة وبالربوبية، أو من يبطن الكفر ويظهر الإيمان، أو هو معرب: زن دين، أي دين المرأة. . . "
(٢) قال في البحر الرائق شرح كنز الدقائق -وهو من كتب الحنفية- لا تقبل توبة الزنديق في ظاهر المذهب وهو من لا يتدين بدين، وذكر قولاً آخر وهو إن جاء الزنديق قبل أن يؤخذ فأقر أنه زنديق فتاب ذلك تقبل توبته، وإن أخذ ثم تاب لم تقل توبته (٥/ ١٣٦).
وذكر النووي رحمه الله في روضة الطالبين (٨/ ٣٣٩) أحد مصادر فقه الشافعية في قبول توبة الزنديق خمسة وجوه وهي: (الأول): قبول توبة الزنديق، وذكر أن هذا الوجه هو الصحيح المنصوص للشافعي، و (الثانى): عدم قبول توبته، و (الثالث): أن المتناهين في الخبث كدعاة الباطنية لا تقبل توبتهم ويقبل من عوامهم، و (الرابع): أنه إن أخذ لقتل فتاب لم تقل، وإن جاء تائباً ابتداء وظهرت أمارات الصدق قبلت، و (الخاص) لا يقبل إسلام من تكررت ردته.
وانظر أيضاً نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (٧/ ٣٩٩) لشهاب الدين الرملي.
وقال الخرشي في شرحه على مختصر خليل المالكي (٨/ ١٦٧) "أن المستسر هو الزنديق يقتل ولا تقبل توبته، ولكن إذا جاء تائباً في الظهور عيه فإن توبته تقبل".
وذكر علي بن سليمان المرداوي في الإنصاف أحد مصادر الفقه الحنبلي =

<<  <   >  >>