للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السلف والأئمة متفقون على ما تواترت به النصوص، من أنه لا بد أن يدخل النار قوم من أهل القبلة [ثم يخرجون منها.

وأما من جزم بأنه لا يدخل النار أحد من أهل القبلة] (١) فهذا لا أعرفه (٢) قولاً لأحد.

وبعده قول من يقول: ما ثم عذاب أصلاً، وإنما هو (٣) تخويف بما (٤) لا حقيقة له، وهذا من أقوال الملاحدة الكفار، وربما احتج بعضهم بقوله: {ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ} [الزمر: ١٦] فيقال لهذا: التخويف إنما يكون تخويفاً، إذا كان هناك مخوف يمكن وقوعه بالمخوَّف، فإن لم يكن هناك ما يمكن وقوعه امتنع التخويف، لكن يكون حاصله إيهام الخائفين بما لا حقيقة له كما يوهم (٥) الصبي الصغير، ومعلوم أن مثل هذا لا (٦) يحصل به تخويف للعقلاء المميزين، لأنهم إذا علموا أنه ليس هناك شيء مخوف زال الخوف.

وهذا شبيه بما تقول (٧) ملاحدة المتفلسفة (٨) والقرامطة (٩) ونحوهم:


= ببعيدة عن بدعة الذين جزموا بأنه لا يدخل النار من أهل التوحيد أحد، فحق للمؤلف أن ينعتهم بغلاة المرجئة في هذا المقام.
(١) ما بين المعكوفتين ليس في النسخة الأصلية، وهو في (م) و (ط).
(٢) في (ط): نعرفه.
(٣) في (م): هذا.
(٤) (بما) ليست في (ط).
(٥) في (م) و (ط): "توهم".
(٦) "لا" ساقطة من (م).
(٧) في (م): "يقول".
(٨) في (م) و (ط): بما تقول الملاحدة المتفلسفة.
(٩) القرامطة: فرقة باطنية تنتسب إلى رجل يدعى حمدان قرمط، وكان أول أمره مائلاً إلى الزهد، ثم استجاب لأحد دعاة الباطنية، والتف الأتباع حوله حتى شكل خطراً محققاً على الخلافة العباسية، وأقاموا دولة لهم في البحرين (الأحساء) استمرت قرابة مائة عام، وفي خلالها روعوا الآمنين، وهتكوا حرمات المسلمين -كما أشار المؤلف إلى بعض صنيعهم وقبيح فعلهم في الحرم- وهم زنادقة ملحدون لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يحلون حلالاً، ولا يحرمون =

<<  <   >  >>