للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأيضاً فبعد نزول القرآن كله (١) وإكمال الدين إذا بلغ الرجل بعض الدين دون بعض، كان عليه أن يصدق ما جاء به الرسول جملة وما بلغه عنه مفصلاً، وأما ما لم يبلغه ولم يمكنه معرفته، فذاك إنما عليه أن يعرفه مفصلاً إذا بلغه (٢).

وأيضاً فالرجل إذا آمن بالرسول إيماناً جازماً، ومات قبل دخول وقت الصلاة، أو وجوب شيء من الأعمال، مات كامل الإيمان الذي وجب عليه، فإذا دخل وقت الصلاة فعليه أن يصلي، وصار يجب عليه ما لم يجب [عليه] (٣) قبل ذلك.

وكذلك القادر على الحج والجهاد، يجب عليه ما لم يجب على غيره من التصديق المفصل، والعمل بذلك، فصار ما يجب من الإيمان يختلف باختلاف حال نزول الوحي من السماء، وبحال المكلف في البلاغ وعدمه، وهذا مما يتنوع به نفى التصديق، ويختلف حاله باختلاف القدرة والعجز، وغير ذلك من أسباب الوجوب، وهذه يختلف بها العمل أيضاً.

ومعلوم أن الواجب على كل من هؤلاء لا يماثل الواجب على الآخر، فإذا كان نفس ما وجب من الإيمان في الشريعة الواحدة يختلف ويتفاضل، وإن كان بين [جميع] (٤) هذه الأنواع قدر مشترك موجود في الجميع، كالإقرار بالخالق وإخلاص الدين له، والإقرار برسله، واليوم الآخر، على وجه الإجمال، فمن المعلوم أن بعض الناس إذا أتى ببعض ما


(١) "كله" ليست في (ط).
(٢) يقول الحافظ أبو عبيد القاسم بن سلام -رحمه الله- في كتاب الإيمان (١٠): "فوجدناه قد جعل بدء الإيمان شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , فأقام في مكة بعد النبوة عشر سنين أو بعض عشر سنة، يدعو إلى هذه الشهادة خاصة، وليس الإيمان المفترض على العباد يومئذٍ سواها، فمن أجاب إليها كان مؤمناً، لا يلزمه اسم في الدين غيره، وليس يجب عليهم زكاة ولا صيام ولا غير ذلك من شرائع الدين. . . ".
(٣) ما بين المعكوفتين مضاف من (م) و (ط).
(٤) في نسخة الأصل "جمع" وهو خطأ، والصحيح من (م) و (ط).

<<  <   >  >>