للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما يعمل فلان، فإنه أراد [فعمل] (١) ما يقدر عليه، وهو الكلام، ولم يقدر علي غير (٢) ذلك (٣).

ولهذا كان من دعا إلى ضلالة، كان عليه مثل أوزار من اتبعه، من غير أن ينقص من أوزارهم شيئًا (٤)، لأنه أراد ضلالهم [ففعل] (٥) ما يقدر عليه من دعائهم، إذ لا يقدر إلَّا على ذلك (٦).

وإذا تبين هذا في الإرادة والعمل، فالتصديق الَّذي في القلب وعلمه يقتضي عمل القلب، كما يقتضي الحس الحركة الإرادية، لأن النفس فيها قوتان: قوة [الشعور بالملائم] (٧) والمنافي، والإحساس بذلك، والعمل.


(١) في نسخة الأصل: يعمل، وفي (ط): "فعل"، وأثبتنا ما في (م) لأنه أقرب إلى المعنى.
(٢) كلمة "غير" ليست في (ط).
(٣) انظر: مجموع الفتاوي (١٤/ ١٢٢ - ١٢٨).
(٤) هذا جزء من حديث لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولفظه عند مسلم: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا" ورواه برقم (٢٦٧٤) ٤/ ٢٠٦٠ كتاب العلم باب من سن حسنة أو سيئة، ومن دعا إلى هدى أو ضلالة، والترمذي برقم ٢٦٧٤) كتاب العلم، وأبو داود برقم (٤٦٠٩) كتاب السنة، وابن ماجة برقم (٢٠٦) في المقدمة، وأحمد برقم (٨٩١٥)، والدارمي برقم (٥١٣) في المقدمة).
(٥) في نسخة الأصل: (فعل)، وأثبتنا ما في (م) و (ط) لأنه الصواب.
(٦) مسألة المؤاخذة بالهم والإرادة مسألة جليلة القدر، وقد بحثها الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى بحثًا واسعًا في الفتح عند شرح كتاب الرقاق، وأورد كلام العلماء، وخلافهم في تلك المسألة التي بحثها المؤلف، وأضاف عليها مسائل أخرى كقول من يقول بالمؤاخذة بالهم الجازم أن عقاب صاحبه يكون في الدنيا بالغم والهم ونحوهما، أو يكون في الآخرة بالعتاب لا العذاب، ومسألة استثناء الحرم عند من قال: إنه لا يؤاخذ بالهم، وغيرها من المسائل المفيدة، الفتح. (١١/ ٣٢٣ - ٣٢٩)، ويبني كلام المؤلف رحمه الله تعالى فيصلًا في هذه القضية الشائكة، وتفصيله هو الَّذي يزيح الإشكال فيها، وأن هناك إرادة جازمة، وأخرى غير جازمة، وأن الجازمة. لا بد أن يصحبها شيء مما ذكره من الأعمال الظاهرة من نظرة أو التفاتة أو حركة، وهذه الإرادة هي التي يؤاخذ عليها.
(٧) في نسخة الأصل: قوة الشعوب فالملائم. وأثبتنا ما في (م) و (ط) لأنه الصواب.

<<  <   >  >>