للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والخوف فيهما (١)، والعمل بالجوارح فليس بإيمان، وزعموا أن الكفر بالله هو الجهل به، وهذا قول يحكى عن جهم بن صفوان (٢).

قال: "وزعمت الجهمية أن الإنسان إذا أتى بالمعرفة، ثم جحد بلسانه أنه لا بكفر بجحده، وأن الإيمان لا يتبعض ولا يتفاضل أهله فيه، وأن الإيمان والكفر لا يكونان إلَّا في القلب دون الجوارح".

قال: ٢ - "والفرقة الثانية من المرجئة: يزعمون أن الإيمان هو المعرفة بالله فقط، والكفر به هو الجهل به فقط، فلا إيمان بالله إلَّا المعرفة به، ولا كفر بالله إلَّا الجهل به، وأن قول القاتل: {إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} ليس بكفر، ولكنه لا يظهر إلَّا من كافر، وذلك أن الله كفر من قال ذلك، وأجمع المسلمون أنَّه لا يقوله إلَّا كافر، وزعموا أن معرفة الله [هي] (٣) المحبة له، وهي الخضوع لله -عَزَّ وَجَلَّ- (٤).

وأصحاب هذا القول لا يزعمون أن الإيمان بالله إيمان بالرسول، ويقولون: إنه لا يؤمن بالله إذا جاء الرسول (٥) إلَّا من آمن بالرسول، ليس ذلك لأن ذلك مستحيل (٦)، ولكن الرسول قال: "من لم يؤمن بي فليس


(١) كلمة "فيهما" ليست في (ط)، وفي المقالات ورد عوضًا عنها كلمة "منهما" لتصبح العبارة هكذا: "والخوف منهما"؛ ومعلوم أن العبارة هذه باطلة، لأن الخوف عادة قلبية، بل من أهم العبادات القلبية، ولا يجوز صرف شيء منها لغير الله - عَزَّ وَجَلَّ -، ويغلب على ظني أن هذا التحريف الَّذي وقع إما من الناسخ أو من محقق الكتاب، وليس بإمكاننا أن نرجح أحد الأمرين، لأنه لا توجد لدينا نسخ خطية للكتاب.
أما العبارة التي أثبتناها وهي "الخوف فيهما" فمختلفة المعنى تمامًا عن العبارة النبي وردت في كتاب المقالات، والمعنى والله أعلم: الخوف من معصيتها، وعدم طاعة أوامرهما، وقد يعترض على هذه أيضًا؛ ولكن لا يوجد بها محذور شرعى على أية حال.
(٢) في (ط): "الجهم"، وما أثبتناه موافق لما جاء في المقالات.
(٣) في نسخة الأصل و (م): "هو"، والتصحيح من (ط) وهو الموافق للمقالات.
(٤) عبارة الله -عَزَّ وَجَلَّ- ليست في (ط) ولا في المقالات.
(٥) عبارة "إذا جاء الرسول" ليست في (ط)، وهي في المقالات.
(٦) في المقالات: يستحيل.

<<  <   >  >>